وأما الروايات فقد تجاوزت حد الاستفاضة بل التواتر مثل قول الصادق عليه السلام في خبر أبي خديجة إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه الخ وقوله عليه السلام القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجوز وهو يعلم فهو في النار ورجل قضى بجوز وهو لا يعلم أنه قضى بجور فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة وقول أمير المؤمنين وإمام المتقين (عليه السلام) لشريح يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي أو شقي وقول الصادق (عليه السلام) اتقوا الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء العادل بين المسلمين كنبي أو وصي إلى غير ذلك من الروايات الواردة في ذلك ثم إن دلالة جملة من تلك الروايات على كون القضاء من مناصب النبي وأوصيائه (عليهم السلام) مما لا إشكال فيه وإنما الاشكال في دلالة الآيات على ذلك وأظهر منها دلالة حسب ما صرح به جماعة أيضا قوله تعالى يا داود إنا جعلناك الآية وقد استشهد بها على كون القضاء منصبا من مناصب النبوة والإمامة وغصنا من شجرة الرياسة العامة وجه الدلالة انه فرع عز وجل جواز الحكومة على كونه خليفة فينتفي بانتفائها وهو المطلوب وفيه أولا نمنع من تفريعه تعالى الجواز على كونه خليفة بل إنما فرع وجوبها على الخلافة حسبما هو قضية ظاهر الامر فلا يدل على انتفاء الجواز لغيرها وثانيا نمنع من دلالتها على وجوبه عليهما فضلا عن دلالتها على انتفاء الجواز للغير لاحتمال أن يكون المتفرع على الخلافة وجوب الحكومة بالحق فيكون المتفرع عليها وجوب الحكومة باعتبار القيد أي بمعنى انك انما (لما خ) جعلناك خليفة فيجب عليك الحكم بالحق فيكون في سياق قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل فيكون الحكم في الآية ناظرا إلى القيد لا القيد والمقيد معا فلا دلالة للآية على أصل وجوبه على الخليفة لكونه واردة في مقام بيان حكم آخر هذا ولكن يمكن أن يجاب عنه بان هنا معنا ثالثا دقيقا يتم بملاحظته الاستدلال وهو أن يكون المتفرع على الخلافة الجواز نظرا إلى ورود الامر مقام رفع الحظر فلا يدل إلا على الجواز على ما هو المحقق في مثله لان الحكم بمعنى إلزام الناس سلطنة عليهم فالأصل عدم جوازه فتدل الآية بمقتضى قضية التفريع المتضمن لمعنى الشرطية في المقام على انتفاء الرخصة في حق غير الخليفة والحاصل ان في الآية احتمالات ثلاثة أحدها أن يكون المتفرع على الخلافة وجوب الحكم بالحق أعني القيد والمقيد فلا دلالة لها على هذا التقدير على انتفاء الرخصة لغير الخليفة ثانيها أن يكون المراد منها تفريع وجوب الحكم بالحق باعتبار القيد فلا دلالة لها على هذا التقدير أيضا على المطلوب ثالثها أن يكون المراد تفريع الجواز على الخلافة بملاحظة كون الأصل في الحكم الحرمة وورود الامر في مقام رفع الحظر فيدل على انتفاء الجواز في حق غير الخليفة إذا عرفت أن في الآية احتمالات ثلاثة فإن لم يكن أحدها ظاهرا أو كان ولكن الاحتمالين الأولين فلا دلالة لها على ما رامه الجماعة من دلالتها على اختصاص القضاء بالنبي ووصيه وكونه من مناصبهما وإن كان الثالث أظهر فيدل على المطلوب والانصاف انه أظهر من الأولين فالآية بذلك البيان من الأدلة على اختصاص الحكم بالخليفة نبيا كان أو وصيا هذا ويمكن أن يستفاد كون الحكم من مناصب الخليفة من لفظها من غير احتياج إلى البيان المذكور بأن يقال إن مقتضى جعل الله شخصا خليفة هو ثبوت جميع ما يجوز له لهذا الشخص فتدل الآية بالنظر إلى لفظة الخليفة بمعونة الأصل المتقدم على كون الحكم من مناصب الخليفة فافهم.
قوله وكذا لا ينعقد لغير العالم المستقل بأهلية الفتوى ولا يكفيه فتوى العلماء الخ.
أقول إنك بعدما عرفت من دلالة جملة من الروايات بل بعض من الآيات أيضا حسبما مر على كون القضاء