ثم صالح ورثته على شئ فالذي أخذ الورثة لهم وما بقي فهو للميت يستوفيه منه في الآخرة وإن هو لم يصالحهم على شئ حتى مات ولم يقض عنه فهو للميت يأخذ به وجه التأييد ان الصحيحة تدل على أنه ما لم يأخذ الورثة الحق من غريم الميت لا يكون تركة له فإذا لم يكن تركة لا يتعلق به حق الغرماء أيضا وهو ظاهر هذا.
وقد يرد وجه الاستشكال بأن حلفه إنما اقتضى سقوط حقه منه من حيث كونه حقا له فلا ينافي جواز مطالبته من حيث ثبوت كونه مشغول الذمة بحلف الوارث وان الميت ترك في ذمته شيئا فالمجوز لاخذه من - الوارث بعد الاخذ هو المجوز لاخذه من المدعى عليه وهو ليس في المقامين إلا كون ما في الذمة بعد ثبوته تركة للميت يتعلق به حق الغريم وإن لم يجز أخذه من المدعى عليه قبل ثبوته.
وأما ما ذكره الأستاذ العلامة من التأييدين ففي أولهما انه لا معنى للقول بأن ما في الذمة تركة بالنسبة إلى الوارث وإلا لجرى هذا الكلام بعد الاخذ أيضا مضافا إلى أنه لا يجري في دعوى العين والقول بأن كلام - العلامة مختص بالدين كما قال به الأستاذ كما ترى وفي ثانيهما ان المراد من الحديث ليس بيان الاحكام الدنيوية قطعا وإلا فلا بد من أن يحكم بأن ما في الذمة ليس تركة للميت أصلا سواء اعترف به المديون أو أنكره فلا يتعلق به دين ولا يورث عنه وهو خلاف الاجماع بل خلاف نفس الرواية كما لا يخفى.
ثم إن كلامهم هذا وإن كان مختصا باحلاف الغريم للمدعى عليه إلا أنه يمكن فرضه في احلاف - الوارث كما إذا ادعى الوارث أيضا وأحلف المدعى عليه ثم ادعى الغريم وأقام البينة على الحق أو نكل من اليمين على القول بالقضاء به في أمثال المقام فتأمل.
السابع ان ما ذكرنا في حكم الدين من انتقال التركة إلى الوارث معه وعدمه وجواز تصرف الوارث فيها وعدمه وغيرهما من الاحكام ليس مختصا بخصوص القرض كما قد يتوهم بالنظر إلى ظاهر لفظ الدين ظهورا أوليا بل يجري في جميع ما في ذمة الميت من الحقوق المالية للناس سواء كان بقرض أو بغيره لان المراد من الدين في الآيات والاخبار هو ما ذكرنا قطعا ولعله يأتي توضيح لذلك فيما بعد إن شاء الله فافهم واغتنم.
قوله في اليمين مع الشاهد يقضى بالشاهد واليمين في الجملة الخ أقول الكلام في المقام يقع في مواضع أحدها في ثبوت القضاء بالشاهد واليمين في الجملة ثانيها في بيان أن أصل السبب في اثبات الحق هل هو الشاهد واليمين شرط وفرع له أو الامر بالعكس أو كل منهما جزء السبب والسبب مجموع المركب منهما لا فرعية بينهما أصلا ثالثها في بيان الترتب بينهما في مقام الأداء وانه هل يشترط تقديم الشاهد أو يكفي مع تقديم اليمين أيضا رابعها في بيان المورد الذي يحكم فيه بالشاهد واليمين وانه مطلق الحقوق أو خصوص حق الناس وعلى الثاني مطلق حقهم أو بعضه ثم المراد من البعض ما هو على تفصيل يأتي الكلام فيه انشاء الله.
أما الكلام في الموضع الأول فنقول ان مقتضى الأصل الأولي وإن كان عدم القضاء بالشاهد واليمين إلا أنه قد ثبت القضاء بهما في الجملة بالاجماع المحقق الذي لا يريب في تحققه من له خبرة ويكفي للقطع بتحققه ملاحظة الاجماعات المنقولة لأنها وصلت حد التواتر بل أقول إن القضاء بهما من الضروريات عند العلماء وقد وافقنا فيه أيضا المخالفون إلا أبا حنيفة وتابعيه.
ويدل على القضاء بهما قبل الاجماع الأخبار المتواترة والآثار المتكاثرة المنقولة من طرق العامة و الخاصة التي يقف عليها كل من لاحظ كتب الاخبار بل مصنفات علمائنا الأخيار ونحن أيضا نورد جملة منها في هذا المضمار حتى يزول ببركتها جميع الشبهات.