كما لا يخفى على من له أدنى دراية.
وأما المقام الثاني فالحق فيه هو الحكم بالتوقف والرجوع إلى الأصول بحسب المقامات دون التخيير لان ما ورد فيه من الاخبار مختص بالخبرين المتعارضين فيبقى غيرهما تحت الأصل الأولى وهو التوقف نعم لو قلنا بان اعتبار البينة في المقام من باب مجرد السببية لأمكن القول بأن مقتضى الأصل التخيير دون التوقف وذكرنا شطرا من الكلام في هذا المقام أيضا في مسألة التعادل وعلى أي حال إذا بنينا على التوقف والرجوع إلى الأصول فإن كان مرجع تعارضهما إلى أصل الملكة وعدمها فالمرجع فيه أصالة عدمها وإن كان مرجعه إلى وجود الرافع لها وهو المعصية فالمرجع فيه أصالة عدمه واستصحاب الملكة وهذا كله مما لا إشكال فيه إنما الاشكال في أنه إذا بنينا على عدم ملكة العدالة كما في الصورة الأولى فهل يقف الدعوى كما يظهر من بعض أو يرجع إلى ميزان آخر كاليمين مثلا إن كان وإلا فيقف وجهان ظاهر كلماتهم هو الثاني لان مرادهم من الوقف هو التوقف من حيث الحكم بمقتضى البينة كما لو لم تكن بينة أصلا لا الوقف بقول مطلق وهذا هو الحق ويظهر من كلمات بعض مشايخنا ترجيح الأول مدعيا ظهور ما دل على الحكم بغير البينة عند فقدانها في غير تلك الصورة وهو ما لم يكن هناك بينة أصلا وفيه منع الظهور كما لا يخفى.
قوله المقصد الثاني في مسائل متعلقة بالدعوى وهي خمس الأولى قال الشيخ لا تسمع الدعوى إذا كانت مجهولة مثل ان يدعى فرسا أو ثوبا الخ أقول قد حكى هذا القول عن بني حمزة وزهرة وإدريس والفاضل في المحكي عن تحريره وإقرار تذكرته والشهيد في الدروس ويظهر من غيرهم أيضا والمعروف بين المتأخرين هو سماعها كما في الاقرار المجهول حسبما هو ظاهر كلمة الكل.
واستدل الأولون على عدم السماع بانتفاء فائدته وهي حكم الحاكم بها لو أجاب المدعى عليه بنعم ثم اعترض الشيخ في المبسوط على نفسه بصحة الاقرار بالمجهول فلو كانت الجهالة مانعة لما سمع الاقرار معها وأجاب بالفرق بينهما فإنا لو كلفنا المقر بالتفصيل ربما رجع بخلاف المدعى فإنه لا يرجع عن الدعوى بمطالبته بالتفصيل وحاصل الفرق ان الاقرار إنما هو للغير على المقر فلو ألزمناه بتفصيل ولم يسمع الاقرار منه مطلقا لأدى ذلك إلى الرجوع عن الاقرار الذي اقتضى تعلق حق الغير بالمقر بمقتضى اقرار العقلاء على أنفسهم جايز وهذا بخلاف الدعوى فإن إلزام المدعي بالتفصيل لا يسلتزم ذلك لكون الحق له.
واستدل المتأخرون على السماع بعموم ما دل على الحكم بالحق بالبينة والايمان وبأن المدعي ربما يعلم حقه بوجه ما كما يعلم أن له عنده فرسا أو ثوبا ولا يعلم صفتهما فلو لم يجعل الحاكم له إلى الدعوى ذريعة لبطل حقه وبمنع انتفاء فائدة السماع فإن من فائدته اقرار المدعى عليه بالمدعى فيلزم بتفسيره أو قيام البينة على التعيين أو الحكم بالقدر المتيقن إلى غير ذلك من الفوائد فإن شئت قلت إن سماع الدعوى شئ وتعيينها شئ آخر والحكم إنما يتبع الدعوى وأما تعيين الحق فهو أمر آخر هذا مجمل القول من الطرفين.
لكن تحقيق القول في المرام يقتضي بسطا في الكلام حتى يرتفع به غواشي الأوهام وينجلي به أبصار الافهام فنقول ان لنا في المقام أمورا خمسة الوصية بالمجهول والاقرار به ودعوى الأول ودعوى الثاني ودعوى المجهول وعلى الأخير لا يخلو إما أن يكون المجهول كليا أو جزئيا خارجيا وعلى الأخير لا يخلو إما أن يكون باقيا أو تالفا لا إشكال بل ولا خلاف في صحة غير الأخير من الأمور الخمسة لعموم أدلتها وعدم المانع منه وإنما الاشكال والخلاف في القسم الأخير منها حسبما عرفت وجود الخلاف فيه ومرجع (يرجع حاصل خ) الخلاف في المسألة حسبما