وإنما الحكم فيها قد ثبت بالاجماع ضعيف جدا لأنا نعلم أن جميع المجمعين ليس مستندهم في الحكم بعدم الجواز إلا الروايات فهي عامة لها أيضا.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول ان فيه وجهين أحدهما القول بعدم جواز ترتيب الآثار مطلقا نظرا إلى القول بعمومية دلالة الاخبار بالنسبة إلى جميع الآثار بعد القول بشمولها للعين أيضا حسبما مرت الإشارة إليه ثانيهما القول بالجواز نظرا إلى ما ذكرنا في معنى الروايات من منع العموم فيها لمطلق الآثار غاية الأمر دلالتها على عدم جواز التعرض لمال المنكر بنحو من الأنحاء ومن المعلوم ان أخذ العين سرا وسائر التصرفات فيها ليس تعرضا لمال المنكر أصلا بل هو تصرف في مال نفسه فعموم الناس مسلطون على أموالهم باق على حاله بل يمكن القول بجواز أخذ العين والتصرف فيها وإن قلنا بدلالة الروايات على نفي جميع الآثار بيان ذلك أن حكم الشارع بنفي جميع الآثار كاشف عن ذهاب المالية عن مال المدعي بالحلف وإن كانت ملكيته باقية فكل أثر يترتب على مالية الشئ فهو منفي بمقتضى الروايات فالاحتساب من الزكاة والصدقات والابراء إنما هي من آثار المال فيرتفع بذهابه.
وأما الآثار المترتبة على ملكية الشئ كأخذ العين فيما نحن فيه والتصرف فيها فليس مما يمنع - الروايات منه لان اليمين لم ينقل العين إلى الحالف حتى يقال بذهاب ملكيتها وإنما منع من ترتب الآثار من حيث ذهاب المالية بمقتضى تصديق اليمين نعم إن أريد ترتيب آثار المال عليها كبيعها ومصالحتها وإجارتها وغير ذلك من الآثار المترتبة على المال لا نقول بجوازه وهذا بخلاف الدين فإن أخذه غير ممكن إلا بالتصرف في مال الحالف وهو تكذيب لليمين وتعرض لمال الحالف وقد منع منه الروايات السابقة فتأمل هذا مجمل القول في المقام الثاني.
وأما الكلام في المقام الثالث فالحق فيه عدم الجواز لا لأنه بحسب اللب يرجع إلى التقاص وقد منع منه رواية عبد الله بن وضاح وسابقتها لأنهما ظاهرتان في الدين أما الأولى فظاهرة وأما الثانية فلقوله على الرجل المال فإن لفظ المال وإن كان أعم من الدين والعين إلا أن لفظة على تصرفه إلى الدين لأنها لا تطلق إلا في مورد ثبوت المال في الذمة بل لدلالة سائر الروايات مثل رواية سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثم حلف ثم وقع له عندي مال اخذه مكان مالي الذي أخذه وجحده وحلف عليه قال إن خانك فلا تخنه ولا تدخل عليه هذه خلاصة ما فهمت مما ذكره الأستاذ العلامة في الموضعين وعليك بالتأمل فيه والاخذ بما يؤدي إليه نظرك فإن الجواد قد يكبو والحق أحق أن يتبع.
وينبغي التنبيه على أمور أحدها ان ما ذكرنا في اليمين في الدين والعين فإنما هو في يمين المنكر وأما يمين المدعي المردودة عليه فهل يجري فيها ما ذكرنا في يمين المنكر أو لا وجهان من عموم بعض - الروايات السابقة كقوله (صلى الله عليه وآله) من حلف لكم بالله فصدقوه فكما أن المدعي مأمور بتصديق المنكر الحالف بمقتضى النبوي فكذا المنكر أيضا مأمور بتصديق المدعي إذا كان حالفا بمقتضاه فيحرم عليه التقاص من ماله إذا كان كاذبا في حلفه وكذا ترتيب سائر الآثار على القول بالتعميم ومن منع دلالة النبوي على وجوب تصديق الحالف بمعنى ترتيب الأثر على حلفه حتى في يمين المنكر أيضا وإلا لزم تخصيص الأكثر بل المراد منه هو تصديق الحالف بمعنى عدم تكذيبه واتهامه نظير التصديق في قوله تعالى يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين فسياق قوله من حلف لكم بالله فصدقوه سياق قوله من سئلكم بالله فاعطوه في وروده للوعظ والنصيحة وعدم الدلالة