كدعوى الزوجة موت الزوج ونحوهما وقد أورد الأستاذ العلامة المثال الثاني مثالا للصورة الثانية وعليك بتطبيقه على ما هو الحق في نظرك وهل تسمع الدعوى في هذه الصورة أم لا وجهان أوجههما الثاني نظرا إلى عدم قيام دليل عليه أصلا ودعوى الاجماع عليه مجازفة جدا ثم إن ما ذكرنا في القسمين الأخيرين إنما هو بالنظر إليهما من حيث عنوان سماع الدعوى التي لا معارض لها وإلا فقد توجد في بعض الموارد قواعد خاصة تقتضي لسماع الدعوى كدعوى المرأة الطهر من الحيض أو دعواها طلاق الزوج لما دل على تصديق المرأة فيما تدعيه لو قيل بدلالته في المثال الثاني فتدبر.
الثاني انك قد عرفت في طي ما ذكرنا لك في الأمر الأول أنه لو كانت الدعوى في غير الأعيان متعلقة بحق الغير لا إشكال في عدم سماعها بدون البينة وهل يلحق بها الدعوى في الأعيان إذا كانت متعلقة بحق (لحق خ) الغير كما إذا كانت العين المدعاة ملكيتها في يد الغير مع نفيه عن نفسه أم لا وجهان ظاهر بعض الثاني ولكن الحق هو الأول لما دل على أن إقامة البينة على المدعي إذا كان له مدعى عليه المفروض وجوده في المقام ولا مخرج عنه في الفرض والقول بأنه ليس هنا من يدعى عليه لان ادعائه ملكيته ليس دعوى على من في يده المال لأنه يدعي شيئا يزول يده عنه بسببه قهرا فاسد جدا لان ذا اليد في الفرض من جهة ولايته على المال له نوع سلطنة على المال فيرجع دعوى ملكيته من المدعي إلى ادعاء زوال سلطنته فيصير مدعى عليه.
لا يقال لا نفهم معنى لولايته إلا كونه مأمورا بايصال المال إلى صاحبه والولاية بهذا المعنى لا تعارض قول من يدعي أنه صاحبه بل مقتضاه اعطائه.
لأنا نقول سلمنا انه ليس معنى ولايته ما ذكرته إلا أنا نقول إنه مأمور بإيصال المال إلى صاحبه الواقعي فله المزاحمة لكل من لم يثبت كونه الصاحب الواقعي للمال فلا تسمع دعواه عليه إلا بعد معلومية كونه الصاحب الواقعي فلو أريد اثبات كونه الصاحب الواقعي بمجرد دعواه لم يخل من دور فتأمل.
الثالث انه لو ادعى ملكية العين بعد نفيها عن نفسه فهل تسمع دعواه أم لا وجهان أوجههما الأخير للأصل وعدم ما يقتضي الخروج عنه مضافا إلى عموم ما دل على نفوذ اقرار العقلاء على أنفسهم إذ لا فرق فيها بين ان ينفي مالا عن نفسه ويثبته لغيره معينا وان ينفي عن نفسه ولم يثبته لغيره وإن شئت قلت إن اقراره السابق أوجب رفع حكم دعواه اللاحقة.
فإن قلت كيف يحكم بإيجابه رفع حكمها مع أنه لا معارضة بينهما إذ يمكن الجمع بينهما بحمل إقراره على النسيان أو الجهل أو غير ذلك.
قلت التدافع بينهما إنما هي مبني على الظاهر الذي تقرر حجيته إذ الأصل عدم النسيان هذا وليس للأول إلا ادعاء ظهور رواية الكيس بحمل لفظ الكل على حقيقته من دون جعل قول الآخر بمنزلة الاستثناء منه وهو فاسد لما قد عرفت سابقا من ظهور الرواية في الاستثناء فراجع.
وبالجملة لا أرى وجها للقول بسماع دعوى الشخص بعد اقراره بما ينافيها فإنه إن كان من جهة الجمع بين قوليه وحملهما على الصحة كما يظهر من بعض ففيه انه لا دليل على ذلك سيما بعد توقفه على حمل اقراره السابق بما ينافي الأصل من أصالة عدم النسيان وغيره وإن كان من جهة عدم دليل على سماع اقراره السابق من ظهور قوله اقرار العقلاء في الاثبات ففيه مضافا إلى أن مجرد عدم قيام الدليل على سماع الاقرار لا يكفي في سماع دعواه بعد كون مقتضى الأصل الأولي هو عدم السماع فتأمل المنع من الظهور المذكور وعلى فرض