وأما وقف التشريك فالكلام فيه خارج عن مفروض البحث ولعلنا نتكلم فيه إن شاء الله في آخر المسألة فالكلام يقع في كل من المقامات الثلاثة في مقامين أحدهما بالنسبة إلى البطن الأول ثانيهما بالنسبة إلى البطن الثاني والكلام في البطن الثاني أيضا يقع في مقامين أحدهما ما إذا كانوا محصورين ثانيهما ما إذا كانوا غير محصورين.
فنقول إما الكلام في المقام الأول فاما بالنسبة إلى البطن الأول فلا إشكال فيه لأنهم بعد حلفهم يثبت لهم الوقف ولا حق لباقي الورثة فيما يدعون وقفه.
وأما بالنسبة إلى البطن الثاني إذا كانوا محصورين فهل يأخذونه من غير يمين أو يتوقف أخذهم على اليمين كالبطن الأول وجهان بل قولان ذهب إلى كل فريق لكن الأكثرين حسبما حكى عنهم الأستاذ - العلامة دام ظله إلى الأول.
وذكر في المسالك في مبنى الوجهين ما هذا لفظه ثم إذا انقرض المدعون معا أو على التعاقب فهل يأخذ البطن الثاني الدار بغير يمين أم يتوقف قبضهم (حقهم خ) على اليمين فيه وجهان مبنيان على أن البطن الثاني يتلقون الوقف من البطن الأول أو من الواقف فإن قلنا بالأول وهو الأشهر فلا حاجة إلى اليمين كما إذا أثبت الوارث ملكا بالشاهد واليمين ثم مات فإن وارثه يأخذه بغير يمين ولأنه قد ثبت كونه وقفا بحجة يثبت بها الوقف فيدام كما لو ثبت بالشاهدين إلى أن قال وإن قلنا بالثاني لم يأخذ إلا باليمين كالبطن الأول انتهى ما أردنا نقله.
وقد سبقه إلى ذلك بعض من تقدم عليه وتبعه فيه بعض من تأخر عنه كالفاضل في بعض كتبه والشهيد في الدروس وثاني المحققين حسبما حكى عنه في جامع المقاصد هذا.
ولكن الحق عدم صحة المبنى المذكور لامكان القول بكل من القولين ونفى ما بنوا عليه واثبات ضده حسبما صرح به بعض مشايخنا طاب ثراه ويستفاد من كلام غيره أيضا.
ولنقدم على هذا كلاما تكلم به الأستاذ العلامة مستشكلا على ما ذكره في المسالك من كون القول بتلقي البطن الثاني الوقف من البطن الأول هو الأشهر وهو انه كيف يجامع هذا مع ما ترى من ذهاب الأكثر إلى أن تلقى البطن الثاني من الواقف وأيضا كيف التوفيق بينه وبين ما ذكره الأكثرون في باب الإجازة حتى الشهيد في المسالك وغيره من عدم صحة إجارة البطن الأول بحيث تنفذ بدون إجازة البطن الثاني معللين بعدم تلقي - البطن الثاني من الموقوف عليهم وإن تردد فيه المصنف فيه وحكم بعض المتأخرين بالصحة أو مال إلى القول بها وأيضا كيف يجتمع بين كلامهم في باب الإجارة وما ذكروه في باب الوقف من غير خلاف يعرف بينهم من عدم الاحتياج إلى قبول البطن الثاني بعد تحقق الوقف بقبول البطن الأول وما ذكروه من المقام من القولين هذا.
وقد تفصى دام ظله مما ذكره من الاشكال بما نشير إليه إجمالا.
إما عن الاشكال نسبة القول بتلقي الوقف من الموقوف عليهم إلى الأشهر حسبما في المسالك مع ما ترى من مخالفته للواقع فبأن مراده هو الاشتهار بحسب الحكم لا الاشتهار بحسب القول بالتلقي وهذا كما ترى في غاية البعد حسبما اعترف به دام ظله أيضا فالأولى ما ذكره دام إفادته من أن يقال بأن نسبته إلى الشهرة سهو نشاء من ملاحظة حكم المشهور بعدم الاحتياج إلى اليمين مع ملاحظة عدم مستند له باعتقاده إلا القول بتلقيهم الوقف من الموقوف عليه فاستنتج من هاتين المقدمتين ذهاب المشهور إلى ما اعتقده فتأمل (1).