من الطرفين هو ما ذكرنا.
فلنرجع إلى تحقيق القول في أصل المسألة ونقول ان الحق هو جواز القضاء بالنكول لما ستعرف مما يدل عليه فلنتعرض أولا لذكر أدلة الخصم والجواب عنها ثم نعقبه بأدلة المختار فنقول قد تمسك للقول بعدم جواز القضاء بالنكول بالأصل المزبور والأخبار الدالة بعمومها على حصر ميزان القضاء بما يكون النكول خارجا عنه (عنها خ) كقوله (صلى الله عليه وآله) انما اقضي بينكم بالبينات والايمان وقوله استخراج الحقوق بأربعة وأحكام المسلمين على ثلاثة بينة عادلة ويمين قاطعة وسنة جارية من أئمة الهدى والبينة على المدعي واليمين على من أنكر إلى غير ذلك من العمومات الدالة بعمومها على نفي القضاء بالنكول مضافا إلى اعتضادها بذهاب المشهور بل نقل الاجماع في المسألة حسبما حكى عن جماعة هذا وقد يتمسك له أيضا بخصوص ما ورد من بعض الأخبار مثل رواية عبد الله بن زرارة عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يدعى عليه الحق ولا بينة للمدعي قال يستحلف أو يرد اليمين على صاحب الحق فإن لم يفعل فلا حق له وحسنة هشام عن الصادق (عليه السلام) قال يرد اليمين على المدعي وهو عام وقد يتمسك بوجوه آخر ضعيفة لا جدوى في ذكرها والجواب عنها وأقوى ما تمسكوا به هو ما ذكرنا.
ولكنك خبير بتطرق المناقشة في كلها أما الأصل فإنه وإن كان مقتضاه ما ذكر إلا أنه لا معارضة بينه وبين أدلة المختار كما لا يخفى وأما الجواب عن الأخبار العامة مضافا إلى ما يرد على كثير منها من أنه وارد في مقام بيان وظيفة الحكم في أول الأمر ولا تعرض لها لثاني الحال فبأنها عمومات قابلة للتخصيص بما نذكره مما يدل على القضاء بالنكول فلا بد من تخصيصها به كما خصصت بغيره وأما الجواب عما استدل به أخيرا من - الخبرين أما عن الأول مضافا إلى ما أوردوا عليه من عدم صحة سنده من جهة قسم بن سليمان فبأن الاستدلال به مبني على قراءة يرد مبنيا للمفعول حتى يكون الراد هو الحاكم فيدل على عدم جواز القضاء بدون الرد على - المدعي فيثبت عدم القضاء بمجرد النكول وأما على قراءة يرد مبنيا للفاعل فلا دلالة له على المدعي أصلا إن لم يدل على خلافه إذ المراد منه حينئذ ان وظيفة المدعى عليه وما يكون له بعد عدم وظيفة المدعي أحد شيئين إما الحلف أورده على المدعي ضرورة ان المراد من الاستحلاف في المقام ليس هو مجرد الطلب وإن لم يحلف - المدعى عليه بل المراد هو الطلب الذي يعقبه المطلوب فمعنى الحديث والله أعلم انه يستحلف المدعى عليه فيحلف أو يرد اليمين على صاحب الحق ومعلوم انه على هذا المعنى لا دلالة له على المدعى أصلا فإذا تردد الامر في الرواية بين وجهين تدل على أحدهما على المطلوب ولا تدل على الآخر عليه فنقول أولا ان قراءة يرد مبنيا للفاعل أقرب وأظهر من وجهين أحدهما وحدة مرجع الضمير في يستحلف ويرد لان عوده إلى ما هو المرجع في يستحلف أولى من عوده إلى غيره لكونه أقرب إليه ثانيهما قضاء السياق فإنه في مقام بيان وظيفة المدعى عليه بعد فقدان ما هو الوظيفة للمدعي وثانيا سلمنا عدم كون إحدى القرائتين أرجح من الأخرى لكن نقول إنه إذا تردد الامر بينهما يسقط الرواية عن صلاحيتها للاستدلال لصيرورتها مجملة هذا.
وقد يجعل الرواية دليلا على القضاء بالنكول بناء على قراءة يرد مبنيا للفاعل بجعل المرجع في - الفعل المنفي في ذيل الرواية هو المنكر فيصير المعنى حينئذ انه لا بد للمنكر من الالتزام بأحد شيئين إما الحلف أورد اليمين على المدعي وإن لم يرد فلا حق له فيلزم بأداء الحق وهو معنى القضاء بالنكول وأنت خبير بفساد هذا الكلام لان جعل المرجع في الفعل المنفي هو صاحب الحق أولى لأنه أقرب إليه من المنكر هذا مضافا إلى الاحتياج بارتكاب تجشم في قوله فلاحق له على تقدير عدم عود الضمير إلى المدعي هذا كله بالنظر إلى الخبر