والوجه في عدم اعتباره في نفسه مضافا إلى عدم صحته وعدم حصول الوثوق منه مخالفته للقاعدة الثابتة بالاجماع والنصوص المستفيضة بل المتواترة من عدم سماع بينة المنكر في مقابل بينة المدعي والخبر وإن كان أخص منها إلا أن رفع اليد عنها بمثله لا يجوز جدا لما قد عرفت غير مرة ان رفع اليد عن القواعد المسلمة بمجرد ورود خبر على خلافها ما لم يجبر بالعمل وتمسك الأصحاب لا يجوز قطعا فضلا عن اعراض المعظم عنه في مثل المقام فلا بد من طرح الخبر.
فظهر مما ذكرنا كله ان الحق في المقام هو الحكم بالتنصيف من جهة العمل ببينة الخارج من دون الاحتياج إلى اليمين هذا.
ثم إنه بقي في المقام قولان آخران أحدهما الرجوع إلى القرعة كما حكي عن بعض الأصحاب ثانيهما الرجوع إلى المرجحات كما حكي عن القديمين وغيرهما ومستند الأول عموم ما دل من الاخبار على أن المرجع في كل أمر مشكل هو القرعة وقد عرفت غير مرة انه موهون يحتاج إلى جابر قوي مفقود في المقام كما يظهر من الرجوع إلى كلمات الاعلام ومستند الثاني ليس إلا ما دل من الاخبار على الترجيح بها المدعى شمولها للمقام وسيجئ التكلم عليها على فرض شمولها للمقام في الصورة الثانية هذا مجمل القول فيما لو كانت العين بيدهما.
وأما الصورة الثانية وهي ما لو كانت العين بيد أحدهما وأقام كل منهما البينة على ما يدعيه فهل الحكم فيه تقديم بينة الداخل وهو ذو اليد كما عن بعض الأصحاب أو تقديم بينة الخارج حسبما عليه المعظم المدعى عليه الاجماع في كلام جماعة من الأصحاب في الجملة كما عن الخلاف والغنية والسراير وظاهر المبسوط.
وتفصيل القول في المقام بحيث يكون جامعا لجميع ما ذكره علمائنا الاعلام وأصحابنا الكرام عليهم رضوان الله الملك العلام ورافعا لحجب الاجمال عن وجه المرام يقتضي التكلم في ثلاثة مقامات أحدها في تقديم بينة الخارج على الداخل وعدمه وبعبارة أخرى في سماع بينة الداخل في مقابل بينة الخارج وعدمه ثانيها في الترجيح بينهما بذكر السبب في إحديهما وعدمه في الأخرى الذي يسمى بالجمع في كلماتهم توسعا ثالثها في الترجيح بينهما من حيث الأوصاف كالأعدلية والأكثرية والأضبطية ونحوها وأما الترجيح بالدخول والخروج المذكور في كلماتهم فالثاني منهما كما عليه الأكثر يرجع إلى نفي سماع بينة الداخل والأول منهما يرجع إلى المقام الثاني فإن المقصود منه الترجيح بما يوجب أبعدية إحديهما عن الخطأ فلا نجعله مقاما برأسه هكذا ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي.
وبالحري قبل الخوض في التكلم فيها ان ننبه على أمرين ذكرهما الأستاذ العلامة أحدهما ان المراد من بينة الداخل والخارج في كلماتهم ليستا خصوص بينة ذي اليد ومقابله حسبما هو المرئي من أول النظر في كلماتهم بل المراد منهما كل من يدعي أمرا على وفق الأصل بالمعنى الأعم ومن يدعي خلافه سواء كان اليد أو أصالة الصحة في العقود أو أصالة البراءة أو غيرها فذكر اليد من باب المثال أو الكناية عن مطلق الحجة الشرعية وبعبارة أخرى المراد من بينة الداخل هي بينة المنكر ومن بينة الخارج هي بينة المدعي ولو سلم عدم - الشمول بحسب العنوان فلا إشكال في كون المراد الأعم بحسب الحكم وبعبارة أخرى لو لم يكن ما ذكرنا داخلا في العنوان موضوعا ولكن لا إشكال في دخوله فيه حكما ويشهد لما ذكرنا من التعميم ما سيجئ من ابتنائهم حكم التداعي في كثير من صور التداعي في العقود على تقديم بينة الداخل أو الخارج هذا ملخص ما -