والحاصل ان المفروض في المقام اختلاف المتداعيين في العقد الشخصي الواقع بين البايع وأحدهما بحيث يكون ملكية المبيع للبايع مفروغا عنها بينهما ومع ذلك كيف يتصور مسألة خروج العين مستحقة للغير نعم لو أثبت أحدهما كون اشترائه متقدما على اشتراء الآخر مع عدم اعتقاد الآخر بكذبه كان الامر كما ذكره لكن من المعلوم ان مفروض كلماتهم كما فرضناه أولا بحيث لا يرتاب فيه ذو مسكة.
ومما ذكرنا كله يعلم الوجه في فرض المصنف وجماعة بثبوت الخيار لكل منهما في صورة التقسيم من حيث تبعض المبيع عليه وعدم مانعية الامتناع عن الحلف عنه فيما قبل القبض وإلا فلا خيار وقد صرح بعدم ثبوت الخيار بعد ثبوت القبض الفاضل في الكشف معللا بما عرفته وفساد ما أورده عليهم شيخنا المتقدم بقوله و فيه ما عرفت من عدم الفرق في ثبوت الخيار بالتبعض قبل القبض وبعده بعد إن كان ذلك بثبوت استحقاقه للغير بالبينة انتهى كلامه زاد الله في علو مقامه.
قوله وإن أنكرهما وكان التأريخ مختلفا أو مطلقا قضى بالثمنين جمعا آه أقول لا يخفى عليك ان القضاء بالثمنين جميعا في الصورتين كما صدر عن المصنف وجماعة إنما هو مبني على ما تقدم تفصيل القول فيه مرارا كثيرة في طي كلماتنا السابقة من قاعدة وجوب الجمع بين البينتين بقدر الامكان ومن هنا يعلم أن الحكم مختص بما إذا لم يعلم من حالهما الاتفاق على العقد الشخصي وإلا فيكون حال الصورتين كما إذا اتحد التاريخ هذا.
وقد يتأمل في الحكم المذكور فيما لو كان الظاهر من حالهما الاتفاق على عدم وقوع أزيد من عقد بحيث أقام كل منهما البينة على كون العقد الواقع الشخصي واقعا بينه وبين المشتري من حيث عدم دليل يعتد به لعموم القاعدة في المقام (للمقام خ) ولهذا احتمل في المسالك عدم القضاء بالثمنين فيما لو كانت البينتان مطلقتين أو إحديهما مطلقة والأخرى مؤرخة بل الحكم كمتحدي التاريخ وحكى عن الشيخ رحمه الله التردد ومنه يظهر أيضا ضعف ما استدل به بعض مشايخنا للقضاء بالثمنين بقول مطلق بعد نقل التردد من الشيخ رحمه الله بقوله لكن لا يخفى عليك ظهور البينة في التعدد والأصل تعدد المسبب بتعدد سببه انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
ثم إن الوجه في فرق جماعة من الأصحاب كالمصنف والفاضل وغيرهما بين المسألة والمسألة السابقة التي فرض فيها النزاع بين المشتريين حيث حكموا فيها بالرجوع إلى القرعة بعد تساوي البينتين بقول مطلق من غير فرق بين صور شهادة البينة من حيث الاطلاق والتاريخ وفي المسألة فرقوا بين الصور وحكموا في بعضها بالقضاء بالثمنين هو ما أشار إليه الفاضل في محكي القواعد بان الانسان لا يشتري مال نفسه ففرض تعدد الشراء لا يمكن إلا بتوسط النقل فيلزم تعدد الثمن وهذا بخلاف البيع فإن الانسان قد يبيع مال غيره.
وأورد عليه بعض مشايخنا طاب ثراه بان احتمال الشراء لمال نفسه فضولا عن الغير أيضا ممكن إذ كما أن الانسان قد يبيع مال غيره فضولا كذلك قد يشتري مال نفسه لغيره فضولا ففرضه في المقام بأن يشتري المال عن أحد المتداعيين بثمن معين ثم يوكل المدعي الآخر لان يبيع ما اشتراه من شخص آخر ثم يقبل هو فضولا عن هذا الشخص.
ثم قال بعد الحكم بجريان ما ذكر في المسألة السابقة في المقام فلا يصلح فارقا ما هذا لفظه فالأولى في وجه الفرق اتحاد المدعى به في المسألة السابقة وهو شراء المبيع من مالكه إلا أنه لم يعلم السابق منهما ليكون الشراء اللاحق في غير محله بخلاف المقام فإن المدعى به استحقاق الثمن الذي ثبت بثبوت سببه فمع فرض قيام البينة به في وقتين مثلا وجب المسبب حتى لو كان المدعى واحدا نعم لو فرض كون الثمن معينا.