وستقف على حكمه وأما الثالث فيرجع فيه إلى ظهور تحرير الدعوى منهما ويؤخذ به.
فالمقصود من اختلاف المتداعيين في الإجارة فيما فرضه المصنف إن كان هو التوصل إلى المقدار الزايد من المال ودفعه عن النفس كما هو الغالب فقد عرفت أنه لا إشكال في خروجه عن الفرض ودخوله في التداعي في الاملاك فيراعى فيه حكمه فإن كان مدعى الزيادة المؤجر فلا إشكال في الحكم بكونه مدعيا والمستأجر منكرا لادعاء الأول ما يخالف أصالة البراءة والثاني ما يوافقها لرجوع نزاعهما إلى اشتغال ذمة المستأجر بالمقدار الزايد وعدمه بعد اتفاقهما على اشتغالها بالأقل على ما هو قضية الاختلاف بين الأقل والأكثر في الذمة لأنها تقتضي تعيين الأقل والاتفاق عليه والتداخل فيه وإنما الاختلاف في المقدار الزايد فإن لم يكن لهما بينة فالقول قول المستأجر مع يمينه على ما هو شأن المنكر وإن كان لأحدهما بينة فإن كان المؤجر فلا إشكال وإن كان المستأجر فيبنى على القضاء ببينة المنكر واغنائها عن اليمين وإن كان لكل منهما بينة فالحق هو تقديم بينة المؤجر على ما عليه المشهور المنصور من عدم اعتبار بينة المنكر في مقابلة بينة المدعي ولا وجه للتحالف ولا للقرعة ولا لتقديم بينة المستأجر وبالجملة الحكم في الفرض هو الحكم في مطلق التداعي على الاملاك وقد تقدم تفصيل القول فيه فراجع إليه وإن كان مدعي الزيادة هو المستأجر ومدعي القلة هو المؤجر فلا إشكال في صيرورة الفرض على عكس الفرض السابق إن فرض رجوع الدعوى إلى الدعوى في المال وإن كان المقصود مما ذكره هو الاختلاف والتنازع في العقد على الأقل والأكثر من حيث هو لتعلق غرض به فلا إشكال في كون كل منهما مدعيا ومنكرا لأن العقد الواقع على الأقل ومباين له ضرورة ان قلة مال الإجارة وكثرته مما يتعدد العقد بهما بمعنى عدم اندراج العقد الواقع على الأقل في ضمن العقد غير الواقع على الأكثر.
وبما ذكرنا يظهر انه لو كان مراد من ذهب إلى القرعة كما عن الشيخ رحمه الله في ف أو إلى التحالف كما عن الشيخ في المبسوط هو ما ذكرنا أخيرا من فرض الاختلاف في العقد من حيث هو فلا وجه لما أورد عليه في المسالك وغيره من أن المتعين كما عليه المشهور هو الرجوع إلى قواعد المدعي والمنكر وإن كان مراده ما ذكرنا أولا فما أرده عليه في المسالك مما لا محيص عنه والظاهر بل المقطوع انه حمل كلامه في المسالك على هذا الفرض كما هو الغالب في التداعي في مقدار مال الإجارة.
قال في المسالك ما هذا لفظه فهيهنا مسئلتان الأولى ان يعد ما البينة والمشهور بين الأصحاب تقديم قول المستأجر مع يمينه لأنه منكر للزايد الذي يدعيه المؤجر مع اتفاقهما على ثبوت ما يدعيه المستأجر فيكون الامر بمنزلة ما لو ادعى عليه عشرة دنانير مطلقا فأقر له منها بخمسة فإن القول قوله في نفي الزائد بغير إشكال لأنه منكر له والمؤجر مدع فيدخلان في عموم الخبر وللشيخ في رحمه الله في المبسوط قول بالتحالف وثبوت أجرة المثل ووافقه بعض المتأخرين نظرا إلى أن كلا منهما مدع ومدعى عليه لأن العقد المتشخص بالعشرة غير العقد المشتمل على الخمسة خاصة فيكون كل واحد منهم مدعيا لعقد غير العقد الذي يدعيه الآخر وهذا يوجب التحالف حيث لم يتفقا على شئ ويختلفان فيما زاد عنه ويضعف بأن العقد لا نزاع بينهما فيه ولا في استحقاق العين المؤجرة للمستأجر ولا في استحقاق المقدار الذي يعترف به المستأجر وإنما النزاع في المقدار الزايد فيرجع فيه إلى عموم الخبر.
إلى أن قال والحق ان التحالف إنما يرد حيث لا يتفق الخصمان على قدر ويختلفان في الزائد عنه كما لو قال المؤجر اجرتك الدار شهرا بدينار فقال بل بثوب أو قال اجرتك هذه الدار بعشرة فقال بل تلك الدار ونحو ذلك وأما في التنازع فالقول المشهور من تقديم قول المستأجر هو الأصلح وللشيخ رحمه الله في موضع من ف قول آخر بالقرعة