تسليمه نقول بأن اقراره بعدم كون العين ماله يستلزم اثباته للغير فبهذا الاعتبار يرجع إلى الاثبات فهو مثل ما لو صرح بالاثبات للغير ضرورة عدم الفرق في أخذ القاضي (العاقل خ) بما التزم على نفسه بين دلالة كلامه عليه بالمطابقة أو الالتزام العقلي أو العرفي أو الشرعي ولو بوسايط عديدة.
ومنه يظهر فساد ما قد يتوهم من أن مجرد النفي عن النفس والاثبات للغير ما لم يكن هناك امارة على كون المقر به ملكا للمقر كاليد لا يكفي في صدق الاقرار على نفسه وجه الفساد ان اقراره بكون المال مالا لغيره يستلزم اقرارا على نفسه وهو عدم جواز تصرفه فيه بدون اذنه ونحوه وقد عرفت أنه لا فرق في الدلالة بين أقسامها هذا وقد يستدل على المطلب بأن الاقرار بما ينافي الدعوى اللاحقة إذا كان موجبا لعدم سماعها مع البينة حسبما نفى الخلاف عنه فإيجابه عدم سماعها بدونها بطريق أولى فتدبر.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من عدم السماع بين أن يكون هناك امارة توجب شرعا الحكم بملكية المنفي بالاقرار السابق للمالك كاليد ونحوها أم لا وبعبارة أخرى لا فرق فيما ذكرنا بين الدعوى الموافقة للقاعدة أو المخالفة لها هذا ولكن قد يقال بل قيل بالفرق بينهما من حيث إن بعد تعارض القولين من المدعى وتساقطهما في الصورة الأولى توجب الرجوع إلى القاعدة فيحكم بالملكية بخلاف الصورة الثانية وهو نظير ما لو أنكر الرجل زوجية امرأة في زمان ثم أقر بها مع تصديق المرأة لادعائه اللاحق هذا وأنت خبير بفساد تفصيل المذكور لان اقرار السابق كما أوجب رفع الحكم دعواه اللاحقة كذلك أوجب رفع حكم يده أيضا كما لا يخفى.
وأما قياس ما نحن فيه بمسألة ادعاء الزوجية مع تصديق المرأة بعد نفيها سابقا ففيه مضافا إلى الالتزام بعدم السماع في الصورة أيضا لعدم تأثير تصديق المرأة في رفع أثر الاقرار السابق انه قياس مع الفارق إذ يمكن أن يقال في الفرض بالسماع من حيث إنه حكم الشارع بنفوذ الاقرار على نفس المقر إنما هو من جهة مراعاة حق المقر له فإذا فرض رفع المقر له يده عن حقه فيمكن أن يقال بسماع الدعوى المسبوقة بالاقرار وهذا بخلاف ما نحن فيه هكذا ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي.
قوله لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه آه.
أقول نسب القول في الكفاية إلى المشهور ورده بعض مشايخنا قدس سره بعدم التحقق نعم حكى عن العلامة في الارشاد والتذكرة والتحرير القول به ونسبه في المسالك إلى الشيخ في النهاية بل ربما يظهر منه كونه مذهب المشهور حيث رد توقف المصنف في المسألة من جهة كون الرواية الواردة فيها ضعيفة بان ضعف الرواية لا يوجب رد حكمها على مذاق المصنف وغيره من حيث بنائهم على جبر الضعف بالشهرة ونحوها.
وكيف كان الأصل في المسألة رواية حسن بن علي بن يقطين عن أمية عميرة عن الشعبة الذي هو إسماعيل بن زياد السكوني المشهور قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضه بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق منها فقال (عليه السلام) ما أخرجه البحر فهو لأهله الله تعالى أخرجه لهم وأما ما أخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به وجه دلالته على ملكية ما خرج بالغوص للغواص بمقتضى ظاهره ظاهر واحتمال كون المراد من الضمير المجرور هو المالك كما احتمله بعض مشايخنا أو الجزم به كما عن بعض الأصحاب مخالف لظاهر الخبر من وجوه شتى لا تخفى على المتأمل فيه.
نعم لا إشكال في ضعف سنده ومخالفته للقواعد المتبعة الآبية عن التخصيص فلا بد من تأويله إن لم نقل بطرحه نظرا إلى عدم جواز الخروج عن مقتضى القواعد الكلية المسلمة بمجرد معارض لها ولو كان صحيحا