(والمراد بحق الناس في المقام ما يكون مقابلا لحق الله فلا ينقض بالعقود فتأمل خ) فقد اختلفت فيه مقالتهم.
وتنقيح المقام يحتاج إلى بيان ما له من الأقسام حتى يتضح به المرام ويرتفع الغبار عن كلمات علمائنا الاعلام فنقول انه على أقسام منها ما تكون مالا كالدين ونحوه ومنها ما تكون حقا ماليا كحق الخيار والشفعة ونحوهما ومنها ما يكون المقصود منه المال كما في المعاوضات ومنها ما لا يكون شيئا من الأقسام بمعنى انه لا دخل له بالمال أصلا كما في حق القصاص ونحوه.
إذا عرفت هذه الأقسام فاعلم أنه قد حكى شيخنا الأستاذ عن بعض القول بثبوت جميع هذه الأقسام بالبينة واليمين سواء كان مما يرجع إلى المال أو لا ولكني كلما تفحصت لم أجد قائلا به بين الأصحاب بل مقتضى ظاهر كلمات جماعة عدم القول به.
نعم قال بعض مشايخنا انه لولا اطباقهم لأمكن المصير إليه وحكى عن النهاية والاستبصار والفقيه والمراسم والكافي التخصيص بالدين وحكى عن الأكثر بل عن المشهور الاكتفاء بالشاهد واليمين فيما عدا القسم الأخير.
أما القول الأول أو الوجه الأول فقد يستدل له باطلاق ما ورد في الباب من الاخبار وبخصوص صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) لو كان الامر إلينا لأجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس فأما ما كان من حقوق الله أو رؤية الهلال فلا وأجيب عنه بأن المتبادر من حق الناس عند الاطلاق هو الحق المالي ولو سلم شموله لغير المال أيضا فيخصص بالمال لما سيجئ كما أنه يقيد جميع الاطلاقات به لو فرض عدم ورودها في بيان أصل التشريع.
وأما الطايفة الثانية فقد استدلوا أيضا بأخبار منها خبر حماد بن عثمان قال سمعت الصادق (عليه السلام) يقول كان علي (عليه السلام) يجيز في الدين شهادة رجل ويمين المدعي.
ومنها خبر أبي بصير سئلت أبا عبد الله عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد قال فكان رسول الله يقضي بشاهد واحد ويمين صاحب الحق وذلك في الدين.
ومنها خبر القاسم بن سليمان سمعت أبا عبد الله يقول قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشهادة رجل مع يمين - الطالب في الدين وحدة.
ومنها خبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيز في الدين شهادة رجل واحد ويمين صاحب الدين ولم يجز في الهلال إلا شاهدي عدل إلى غير ذلك من الروايات المضبوطة في كتب الاخبار - الظاهرة في انحصار القضاء بالشاهد واليمين في الدين فلا بد من رفع اليد بها عن اطلاق ما دل على القضاء بهما مطلقا أو عموم ما دل عليه حملا للمطلق على المقيد والعام على الخاص هذا.
وقد قيل في الجواب عن الاستدلال بها بوجوه أحدها ضعفها سندا فلا تقاوم ما دل بعمومه على القضاء بهما في مطلق الأموال المعتضد بعمل المشهور بل نقل الاجماع من جملة من الأجلة وفيه ما لا يخفى على المتأمل في سند الروايات المتقدمة وملاحظتها فإنه ليس كلها ضعيفة سندا فلاحظ.
ثانيها عدم معارضتها مع الاطلاقات والعمومات إما لان تلك الأخبار بأسرها إنما وردت في مقام نقل فعل النبي (صلى الله عليه وآله) أو الوصي واختصاص ما وقع منهما في الخارج من القضاء بالشاهد واليمين في قضية أو في جميع القضايا بالدين لا يقتضي اختصاص أصل الحكم به وانه لا يجوز القضاء بهما في غيره.
وبعبارة أخرى مفاد الروايات المتضمنة للفظ الدين ان النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) قد قضيا في الدين بالشاهد واليمين ومعلوم انه لا يقتضي رفع اليد عما دل بعمومه على القضاء بهما في غير الدين لأنه نظير ما إذا ورد