وقد ذكر الأستاذ العلامة دام ظله في توجيه كلامه دفعا للاشكال الأول بأن المقصود من تقسيط الأجرة هو تقسيط مجموع ما تشهد به البينتان فإذا كانت الأجرة عشرة مثلا فشهدت إحدى البينتين على إجارة البيت بعشرة والأخرى على إجارة الدار بعشرة فيصير المجموع عشرين فيسقط من العشرة في كل منهما نصفه فيستحق المؤجر عشرة فقد أسقطنا حينئذ نصف الأجرة من بينة المستأجر هذا ولكنه في غاية البعد من كلامه إن لم يكن خلاف صريحه.
وفي الدروس فإن اتحد التاريخ أعلمتا أو أسقطتا أو أقرع مع اليمين انتهى كلامه وذكر بعض مشايخنا بعد نقل هذا الكلام من الدروس ما هذا لفظه ولعل اعمالهما بمعنى تقديم بينة الداخل أو الخارج واسقاطهما بمعنى الرجوع إلى الحكم مع عدم البينة كل على مختاره فيه.
وأما احتمال كون المراد باعمالهما بطلان الإجارة في البيت وصحتها في بقيته بالنسبة بعد تصويرها بإيقاع ذلك من الأصيلين والوكيلين فبعيد أو باطل انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وفيه أن حمل اعمالهما على القول بتقديم بينة الداخل أو الخارج لا وجه له لأنه ليس إعمالا لهما فيحتمل أن يكون مراده من إعمالهما هو التنصيف ابتداء بمقتضى الجمع بين البينتين فتأمل.
قوله ومع التفاوت في التاريخ يحكم للأقدم آه أقول لا إشكال في الحكم بصحة الأقدم زمانا وبطلان المتأخرة بالنسبة إليه لو فرض وحدة العقد المتنازع فيه لان الأقدم من حيث عدم معارض له يحكم بتصديقه و المفروض ان المحل ليس قابلا لوقوع إجارتين عليه في زمان فيحكم ببطلان المتأخرة.
والحاصل ان الحكم بصحة الأقدم يرفع قابلية صحة المتأخرة كما لا يخفى وهذا مما لا إشكال فيه بل لم يظهر فيه مخالف من الأصحاب هذا إذا لم يكن محل للحكم بصحة المتأخرة أصلا ولو في بعض الدار وأما لو كان له محل بأن كانت بينة البيت متقدمة وبينة الدار متأخرة فإنه يمكن الحكم حينئذ بصحة الثانية بالنسبة إلى ما عدا البيت فالذي صرح به المصنف وجماعة من غير ظهور حكم مخالف لهم فيما أعلم هو الحكم بصحة المتأخرة أيضا بالنسبة إلى بقية الدار تصديقا للبينة بقدر الامكان فإذا لم يمكن في مجموع الدار من جهة سبق إجارة البيت فتصدق بالنسبة إلى ما يمكن تصديقها فيه فيثبت على المستأجر من الأجرة بالنسبة إلى القدر الذي صدقنا بينته فيه زائدا على القدر الثابت ببينة المؤجر فإذا فرض مثلا ان الأجرة التي اتفقا عليها عشرة لكن ادعى المستأجر انها أجرة مجموع الدار وادعى المؤجر انها أجرة البيت مع تقدم تاريخ بينة المؤجر حسب ما هو المفروض ثبت على المستأجر خمسة عشر في مقابلة المجموع عشرة أجرة البيت بمقتضى بينة المؤجر وخمسة في مقابلة باقي الدار بمقتضى بينة المستأجر.
وليس فيما ذكرنا إلا مخالفته لفرض وحدة العقد والعلم بأن الأجرة عشرة ليس إلا وإنما الاختلاف في تعيين مقابلها ولا ضير فيه أصلا لان الحاكم مأمور بالعمل بمقتضى البينتين والقضاء به وإن حصل له العلم إجمالا بخروج ما حكم به عن مدلولهما كما في الحكم بالتنصيف في التداعي في العين الشخصية مع إقامة البينة لكل من المدعيين.
وبالجملة مخالفة العلم الاجمالي في أمثال المقام مما لا دليل على المنع عنها فتأمل هذا كله فيما لو كان العقد المتنازع فيه واحدا.
وأما لو احتمل تعدده ووقوع الثاني بعد خلو المحل عن الأول فيمكن الحكم بتصديقهما وثبوت