قوله لو ادعى دارا في يد انسان وأقام بينة انها كانت في يده آه أقول الكلام في المقام قد يقع في سماع البينة على الملكية السابقة وقد يقع في سماعها على اليد السابقة مع دعوى المدعي الملكية الحالية في كل منهما.
أما الكلام في سماعها في القسم الأول والقضاء بها فقد تقدم تفصيل القول فيه في مطاوي كلماتنا السابقة ونشير إليه في المقام على سبيل الاختصار والاجمال حتى يكون على ذكر منك فنقول الحق عدم سماع البينة في المقام لعدم مطابقتها للدعوى وعدم ابطالها حيث الانكار أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأنك قد عرفت سابقا ان البينة لا ترفع انكار المنكر ولا تنفع للمدعي في صورة عدم المطابقة إلا أن تشهد بشئ على المنكر في الزمان السابق بحيث كان هو نفسه مقتضيا للالزام عليه في الزمان اللاحق ما لم يتحقق الرافع له بحيث يعد القضاء بها عند العرف قضاء بالبينة من جهة عدم اعتنائهم باحتمال الرافع وهو لا يكون إلا سببا يثبت شيئا على المدعى عليه كالشراء منه إذا شهدت البينة عليه أو ما هو مسبب عن هذا السبب الذي يرجع الشهادة عليه إلى الشهادة على سببه ومنه الاشتغال على السابق كما أن من الأول الاقرار السابق إذا شهدت البينة عليهما ومن المعلوم ان الملكية السابقة لا تكون سببا لالزام شئ على المدعى عليه ولا مسببة عن سبب كذلك.
لا يقال إن الملكية السابقة لا تتحقق بدون السبب فالشهادة عليها شهادة على السبب فلا بد من أن تكون مسموعة حسب ما بنيت عليه.
لأنا نقول أولا ان الشهادة على الملكية السابقة لا يلزم أن تكون من جهة وجدان السبب لاحتمال استنادها إلى اليد ونحوها وثانيا سلمنا لزوم استنادها إلى السبب لكن من المعلوم الذي عرفته سابقا ان سبب الملكية السابقة للمدعى أعم من أن يثبت شيئا على المدعى عليه لاحتمال كونه هو الشراء من غير المدعى عليه فليست هي شهادة عليه فلا دليل على سماعها.
فإن قيل الشراء من غير المدعي أيضا على تقدير ثبوته سبب ومقتض لملكية المدعي ما لم يتحقق الرافع عنه فالشهادة عليه شهادة على المقتضي والسبب قلنا إن الشراء الواقعي عن مالكه الواقعي وإن كان سببا لاقتضاء الملكية في الزمان اللاحق أيضا إلا أن البينة عليه لما لم تكن بينة على المدعى عليه لم تسمع نعم لو قيل بسماعها أثبت شيئا على المدعى عليه لكن اثبات كونها بينة على المدعى عليه بسماعها دور ظاهر لأن المفروض ان سماعها أيضا يتوقف على كونها على المدعى عليه.
لا يقال إن من المقرر في محله ان كلما كان الاقرار به من المدعى عليه نافعا كانت البينة عليه مسموعة ومقبولة ومن المحقق عند المحققين بل عند الجميع حسب ما حكي وإن استشكل فيه بعض ان اقرار المدعى عليه بالملكية السابقة للمدعي مما يلزم به ويؤاخذ عليه ويقضى به فليكن البينة عليها كالاقرار بها للملازمة المذكورة.
لأنا نقول نمنع الكلية المذكورة أو نسلمها ونقول ان الانتفاع بالاقرار إنما هو من حيث إنه اقرار فهذا النفع من لوازم موضوع الاقرار ومن المعلوم الذي لا ريب فيه أصلا ان المقصود من الكلية المذكورة بالنسبة إلى غير هذا الانتفاع وقد أشرنا إلى ذلك في كلماتنا السابقة وتكلمنا فيه بعض الكلام فراجع عليه إما ان هذا النفع من لوازم موضوع الاقرار لأنه بنفسه مقتض وسبب لالزام المقر به ولو كان في الزمان السابق فيكون كالبينة على الاشتراء من المدعى عليه بل أقوى منه ببعض الاعتبارات.