الأولية التي عرضت لها الاحكام مما تزاحمها من الوجوب والحرمة وكذلك ليست في مقام اثبات التأثير لما جعل بحسب الشرع غير مؤثر ودل الدليل على عدم تأثيره ولو بنى على هذا لأمكن اثبات حلية كل شئ وترتيب الأثر على كل شئ بحسب الوضع في صورة الشك بعمومات أدلة الصلح والشرط والنذر وأشباهها وهذا مما يرغب أهل العلم عنه والالتزام بخروج جميع الموارد التي لا يمكن الاستدلال بها من دليل خارج من اجماع وغيره مما يضحك به الثكلى وسيجئ زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.
قوله ويكفي أن يقول والله ما له علي حق وقد يغلظ اليمين بالقول الخ. أقول لا ريب بل لا خلاف عندنا في الاكتفاء في اليمين بقوله والله الخ ويدل عليه جملة من الاخبار أيضا مثل قوله من حلف بالله فليصدق ومن حلف له بالله فليرض ومن لم يرض فليس من الله وقوله تعالى في جواب سؤال النبي عنه عن الحكم بين الناس وأضفهم إلى اسمي يحلفون به إلى غير ذلك مما يدل على هذا المعنى.
وأما التغليظ فليس بواجب عندنا ولكن لا إشكال في استحبابه للحاكم للاجماع المنقول المحكي عن الخلاف المعتضد بالشهرة القديمة والحديثة بل عدم الخلاف في المسألة مضافا إلى استفادته من مجموع الاخبار والآثار مثل ما كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) في حلف الأخرس ومثل ما ورد عنه (عليه السلام) من قوله احلفوا الظالم إذا أردتم يمينه بأنه برئ من حول الله وقوته فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لا يعاجل لأنه وحد الله سبحانه وتعالى ومثل ما ورد عن بعض الأئمة (عليهم السلام) انه حلفت عنده امرأة بالله الرحمن فقال لا انك قد ذكرت الله بالرحمة فاذكري الله بالغضب ومثل خبر الحسين بن علوان المروي عن قرب الإسناد عن جعفر عن أبيه ان عليا (عليه السلام) كان يستحلف اليهود والنصارى في بيعهم وكنايسهم والمجوس في بيوت نيرانهم ويقول شددوا عليهم احتياطا للمسلمين ومثل الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عنه (عليه السلام) لا يحلف أحد عند قبر النبي على أقل مما يجب فيه القطع وبالجملة لا إشكال في استفادة استحباب التغليظ من الاخبار فما في المسالك من أني لم أقف على الرواية به محمول على عدم الوقوف على نص خاص يدل على استحباب التغليظ عموما لا انه لا يمكن استفادته من مجموع الاخبار.
ثم إن استحباب التغليظ للحاكم حسبما صرح به جماعة انما هو للاستظهار ووجهه انه مظنة رجوع الحالف إلى الحق خوفا من عقوبة العظيم وعلى تقدير جرئته عليه كاذبا مظنة مؤاخذته حيث أقدم على الحلف به مع احضاره عظمته وجلالته والتغليظ يحصل بالقول والزمان والمكان ويختلف ذلك بحسب اختلاف الاشخاص من الرجل والمرأة والمسلم والكافر ثم في الكافر يختلف أيضا بحسب اختلاف أقسامه فعلى الحاكم أن يراعي في جميع ذلك ما يحصل به التغليظ بحسبه وهذا كله مما لا كلام فيه أصلا.
وإنما الكلام يقع في أمور الأول انه لا إشكال في حصول التغليظ في القول بالألفاظ المخوفة كالطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية إلى غير ذلك وهل يحصل بما لا يدل على التخويف أو يدل على الرحمة كالرحمن والرحيم ونحوهما أو لا وجهان من أن المقصود من التغليظ هو حصول العظمة في نظر الحالف وهي تحصل بالثاني كما تحصل بالأول ولهذا قد ورد في بعض الروايات التغليظ بلفظ الرحمن والرحيم ومن دلالة بعض الأخبار السابقة حيث إن الظاهر منه عدم حصول التغليظ بما لا يدل على التخويف بل على الرحمة أوجههما الأول فتأمل.