قوله ويتحقق التعارض بين الشاهدين والشاهد والمرأتين ولا يتحقق بين الشاهدين وشاهد ويمين آه أقول لما فرغ المصنف من التكلم في حكم تعارض الشاهدين أراد التكلم في حكم تعارض الشاهد والمرأتين والشاهد واليمين ونحن نفصل القول في المقام بحيث يرفع غواشي الأوهام عن وجه المرام فنقول بعون الله الملك العلام و دلالة أهل الذكر عليهم السلام ان الكلام يقع في مقامين أحدهما في حكم تعارض كل منهما مع مثله ثانيهما في حكم تعارض كل منهما مع الشاهدين ومع الآخر.
أما الكلام في المقام الأول فنقول انه لا ريب ولا شك في تعارض كل منهما مع مثله لان مقتضى اعتبارهما بالذات ذلك فإن شئت قلت إن ما دل على اعتبارهما يشمل صورة التعارض كقوله استخراج الحقوق بأربعة الحديث ونحوه فيرجع في مادة التعارض إلى ما تقتضيه العمومات من القرعة أو الحلف أو غير ذلك مما عرفت الكلام فيه من الاحكام الموافقة للأصل المأخوذ بها في صورة تعارض مطلق الحجة الشرعية أو إلى ما ثبت لتعارض البينتين إن قلنا بصدق البينة عليهما حسبما ستعرف القول فيه إن كان هناك أحكام خاصة مخالفة للأصل قد قام الدليل على ثبوتها في البينة من حيث هي.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول أما الشاهد والمرأتان فالظاهر أنه لا إشكال بل لا خلاف في تعارضهما ومقاومتهما للشاهدين لكونهما في مرتبة واحدة من الاعتبار إما لما دل على أن المرأتين في الشرع بمنزلة رجل واحد وعدلتا به واما لصدق البينة عليهما فيراعى فيهما جميع أحكام تعارض البينتين لو كان هناك أحكام على خلاف الأصل رتبت على خصوص تعارضهما كالترجيح بالأعدلية ونحوها وإلا فلا يحتاج إلى اثبات الصدق وبالجملة لا إشكال في مقاومة الشاهد والمرأتين للشاهدين في مقام المعارضة وقد نفى عنه الخلاف في كلام جمع من الأصحاب بل في كلام بعض دعوى الاجماع عليه.
وأما اجراء أحكام تعارض البينتين عليهما فإن كانت مما لا يترتب على موضوع تعارض البينتين بل على مطلق تعارض الحجتين فلا إشكال وإن كانت مما يترتب عليه فإن قلنا بصدق البينة على الشاهد والمرأتين حسبما بنى عليه فلا إشكال أيضا وإلا ففي اجرائها عليهما وجهان من عموم المنزلة الثابت ببعض الاخبار ومن أن التنزيل إنما هو فيما لم يعلم كونه من خواص المنزل عليه وإلا فلا يقبل للتنزيل وهذا هو الوجه هكذا ذكره الأستاذ العلامة.
وأما الشاهد واليمين فالذي حكى عن الشيخ رحمه الله انه يتحقق التعارض بينهما وبين الشاهدين فيقرع بينهما ناسبا له إلى مذهبنا والذي عليه المشهور عدم وقوع التعارض بينهما وبين الشاهدين وعلله بعض مشايخنا بعدم صدق البينة عليهما فلا يندرج حينئذ في النصوص وفيه أن التعليل المذكور على فرض تماميته إنما يصلح للحكم بعدم ترتب الأحكام الخاصة الثابتة لتعارض البينتين عليهما لا لأصل عدم المقاومة والتعارض وعدم ترتب مطلق الأحكام الثابتة لتعارض الحجتين عليهما هذا.
وبالحري أن نبين معنى البينة حتى يتبين صدقها على الشاهد واليمين ثم نتعرض لبيان الوجه في عدم مقاومتهما للشاهدين مع كون كل منهما من أفراد البينة فنقول ان البينة عبارة عن كل حجة معتبرة للمدعي بالمعنى الأعم خارجة عن قوله فيخرج الدعوى التي لا معارض لها واليمين سواء كان قول واحد أو أزيد وسواء كان الرجل أو المرأة فتشمل شهادة الشاهدين وأزيد والشاهد والمرأتين والشاهد واليمين والشاهد الواحد والمرأة الواحدة والدليل على كون معناها ما ذكر تبادره منها عند التأمل وأما ما يقال من ظهورها في الشاهدين فلا تشمل