في حق كل أحد بخلاف الأول وأما القياس بالملك للمدعي إذا أثبته بالشاهد واليمين ثم انتقل إلى غيره بسبب من الأسباب وعدم احتياجه إلى اليمين فمما لا يحتمل اختفاء فرقه من المقام على جاهل فضلا عن عالم لان الانتقال إلى غير المالك من توابع ملكية المالك بحيث لا مدخل لغيره فيه أصلا وهذا بخلاف المقام لأنك قد عرفت أن لجعل الواقف مدخلا قطعا للانتقال إلى البطن الثاني ولعمري انه قدس سره لم يذكر هذه الوجوه متكلا عليها لأنه أعلى شأنا من التمسك بها والله العالم هذا مجمل القول في المبنى الذي ذكروه للوجهين.
وأنت بعد التأمل فيما ذكرنا كله تعرف ان الحق الحقيق بالاتباع هو القول بالافتقار إلى اليمين إما أولا فلان الظاهر بل المقطوع ان البطن الثاني إنما يتلقون الملك من الواقف لا البطن الأول لان الواقف يوجد سببا يقتضي ملكية كل من البطنين في زمان وجوده فكل منهما في عرض الآخر إلا أنه لما لم يصح الوقف على المعدوم ابتداء كان تقدم الوقف على البطن الأول من شروط صحة الوقف على البطن الثاني وهذا المقدار لا يقضتي كون تلقي الملك من البطن الأول ولم أقف على دليل على كون التلقي من البطن الأول في كلام أحد من - الأصحاب يعتد به إلا ما ذكره شيخنا الأستاذ العلامة موافقا لبعض من تقدم عليه من أنه لو قيل بأنهم يتلقون الملك من الواقف لزمه القول بالتمليك القهري وهو غير معهود من الشارع إن لم ندع حكم العقل باستحالته وهذا بخلاف القول بتلقيهم من البطن الأول فإنه ليس فيه إلا لزوم التملك القهري والالتزام له لا ضير فيه نظرا إلى وقوعه كثيرا في الشرع كما في الإرث وشبهه هذا ولكنك خبير بفساده أيضا لأنه منقوض بالوقف على الفقراء و أشباههم ممن لا ينحصر مع ذهاب جم قفير فيه إلى عدم الاحتياج إلى القبول حتى من الحاكم الشرعي أيضا مع القول بكونه تمليكا وأما ثانيا فلأنك قد عرفت أنه على القول بالتلقي من الموقوف عليه أيضا يحتاج الحكم بالثبوت في حق البطن الثاني إلى اليمين فراجع وتأمل.
هذا كله لو كان الوقف على المحصورين كالأولاد مثلا وأما لو كان الوقف على غيرهم أي من لا ينحصر بحسب العنوان كالعلماء والفقراء وإن اتفق في الخارج انحصاره في منحصر وقلنا بالافتقار إلى اليمين بالنسبة إلى البطن الثاني حسبما اخترناه فلا إشكال حسبما صرح به جمع من الأصحاب منهم ثاني الشهيدين قدس سرهما في المسالك في سقوط اليمين عنهم لتعذرها منهم لان مرجع الوقف على غير المنحصر إلى الوقف على الجنس و معلوم عدم تعلق الحلف به فعلى الحاكم الشرعي حينئذ مطالبة اليمين من المنكرين يمين نفي العلم على أن مورثهم وقف عليهم فإن نكلوا فيحكم بالوقف عليهم بناء على القضاء بالنكول مطلقا حسبما عرفت منا أو في خصوص المقام وإن لم نقل به في غيره نظرا إلى تعذر الرد حسبما صرح به الأستاذ العلامة وإن حلفوا فلا إشكال في الحكم بعدم ثبوت الوقفية.
فهل يحكم برجوعه إلى ورثة الواقف إرثا كما هو ظاهر جماعة أو يحكم برجوعه إلى أقرب الناس إلى الواقف كما احتمله في المسالك ملحقا له بالوقف المنقطع الآخر في الحكم وجهان أوجههما الأول كما يظهر وجهه بالتأمل والفرق بين الوجهين ان في الأول يحكم بعدم ثبوت الوقف من أول الأمر غاية الأمر الحكم بثبوته ظاهرا في حق البطن الأول من جهة يمينهم وفي الثاني يحكم بثبوت الوقف إلى زمان البطن الثاني و يحكم في زمانهم بعدم الثبوت ظاهرا.
ويظهر الثمرة فيما لو مات أحد المنكرين مع بقاء الآخر وكان للمنكر الميت ابن فإنه على الأول يحكم بتشريكهما في المال لقيام الابن مقام أبيه في المقام وعلى الثاني يعطى المال بالعم المنكر لكونه أقرب