الثاني انه لا ريب في عدم استحباب اليمين المغلظة للحالف عندنا لعدم الدليل عليه بل قد يقال بكراهتها له ولا ملازمة بين استحبابه للحاكم واستحبابه له لحصول الاستظهار كثير إما بتلقين الحاكم اليمين المغلظة فليس هذا من قبيل حرمة الكتمان على النساء المستلزمة لوجوب القبول على الرجال وليس أيضا من قبيل وجوب السؤال من أهل العلم المستلزم لوجوب قبول قولهم وهل يستحب بالتماس الخصم أو الحاكم أو لا وجهان أوجههما الأول لما دل على رجحان الإجابة وهل يستحب بالالتماس على القول بكراهته أم لا وجهان لا يبعد القول بالأول أيضا وعن بعض العامة وجوب التغليظ إذا التمسه المدعي إجابة له وهو ضعيف لا يعبأ به.
الأمر الثالث انه هل يجبر الحالف على الإجابة إلى التغليظ إذا امتنع عنها وهل يحكم في صورة امتناعه بالنكول الذي يقتضيه المذهب لا لما قد عرفت أن الواجب عليه ولو بعد الإجابة هو الحلف بالله لا غير وعن بعض العامة الحكم بالنكول في صورة الامتناع عن الإجابة نظرا إلى وجوب التغليظ عليه بعد الإجابة وهو كما ترى ضعيف - لابتنائه على ضعف.
ال أمر الرابع انه لا إشكال في عدم انعقاد حلف الحالف مثلا على عدم الإجابة إلى التغليظ إما على القول بوجوبها فظاهر وأما على القول باستحبابها حسبما عرفت أنه المختار فلما تقرر في محله من اشتراط عدم المرجوحية في متعلق النذر وشبهه.
وقد عرفت أن الإجابة إلى التغليظ مستحبة فلا ينعقد النذر على تركها وبهذا يظهر ما في المسالك من الحكم بالانعقاد لأنه مرجوح ولا إشكال أيضا في انعقاد حلفه على عدم التغليظ لما قد عرفت أن قضية المذهب عدم وجوب التغليظ على الحالف بل ولا استحبابه أيضا وعليك بالتأمل والمراجعة إلى كلماتهم حتى تشاهد ما وقع من الخلط من بعض الأصحاب بين الحلف على عدم الإجابة والحلف على عدم التغليظ إنما الاشكال في أنه بعد الانعقاد هل ينحل بالإجابة أم لا قال في المسالك على القول بوجوب الإجابة لزم انحلال اليمين لان اليمين على ترك الواجب لا تنعقد والحق عدم انحلاله على القول بالوجوب والاستحباب لصيرورته محرما عليه بالحلف على تركه فلا يؤثر فيه ما دل على رجحان الإجابة وجوبا أو استحبابا لتأخره عنه هذا مضافا إلى ما ورد من عدم إطاعة المخلوق في معصية الخالق وبهذا يظهر ما في المسالك من التعليل بقوله لأنا نمنع من كون الإجابة على تقدير الحلف واجبا وهو نظير ما إذا حلف على ترك اليمين رأسا فإنه لا ينحل ولو بعد الإجابة وفي النظير نظر لا يخفى وجهه على الناظر.
لا يقال إنه بواسطة ما دل على رجحان الإجابة تصير طاعة للخالق فلا دخل لحديث لا يطاع المخلوق في معصية الله فيما نحن فيه.
لأنا نقول المراد من إطاعة المخلوق المنفي اطاعته في الحديث إنما هي الإطاعة التي ورد الامر بها من الله كإطاعة الأب والأم والمولى والزوج فلو بنى على خروجها من الحديث لزم خلوه عن المورد فالمراد من معصية الله هي معصيته في غير أمره بإطاعة المخلوقين فالمعنى انه لا يطاع الله في أمره بإطاعة المخلوقين إذا استلزمت اطاعته معصية أوامره التي تعلقت بالأشياء من غير جهة إطاعة المخلوق.
فإن قلت كيف تقول بعدم انحلال الحلف بالإجابة وقد ورد في بعض الأخبار المعتبرة إذا وجدت خيرا من يمينك فاتركها وانه حلف بعض الأئمة على ضرب بعض غلمانه فعفاه معللا بان العفو خير من الضرب فيدل