بكون وجوبه عليه من باب الأمر بالمعروف فإنه على هذا التقدير تصير حاله كحال غيره من الأمر بالمعروف الذي يتعلق بأداء حقوق الناس فإنه لا اشكال في كونه حقا لذي الحق.
فالحق أن يقال في مبنى الخلاف في المسألة بعد تسليم كونه حقا للمدعي انه إن كان الحكم وتركه كلاهما حقا للمدعي فلا يستوفى إلا بإذنه فإنه كما أن فعله حق له كذلك تركه حق له أيضا فلعل غرضه تعلق بتركه فاختيار فعله ليس بأولى من اختيار تركه فلا بد من مسألة المدعي في أدائه وهذا كما في الدين المؤجل فإن قرار الاجل فيه وإن كان غالبا من جهة مراعاة المديون إلا أن له تعلقا بالداين أيضا فله الامتناع من أخذ المال قبل حلول الأجل فإنه كما يكون أدائه حقا له كذلك ابقائه حق له أيضا فلا ترجيح لأحدهما على الآخر وإن كان الحكم من الحاكم حقا للمدعي من دون أن يكون تركه حقا له فيجوز له أدائه من دون مسئلته وإن لم يعلم منه الاذن في ذلك ولو بشاهد الحال نعم لو منع منه لجرى فيه الوجهان الجواز من حيث كونه مديونا فيجوز له الأداء وإن لم يأذن فيه الداين بل منع منه كما في الحقوق المالية المتعلقة بذمة الشخص لغيره فإنه يجوز له الأداء وإن منع منه الداين وعدمه من حيث إن تركه وإن لم يكن حقا له إلا أن منعه من الفعل بمنزلة رفع يده عنه فلا يجوز الأداء حينئذ والأوفق بالقواعد كون فعله حقا له من دون تعلق حق له بتركه وعدم كون منعه على هذا التقدير مؤثرا في جواز أدائه فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر فإن كلماتهم مضطربة في بيان مبنى الخلاف منتهى الاضطراب ومشوشة غاية التشويش.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها أحدها انه قد يتخيل في المقام من تعليل بعضهم للحكم بعدم الاحتياج إلى المسألة بحصول الإذن من شاهد الحال حصول الاتفاق من الجميع على اعتبار الاذن وإنما الخلاف في الاجتزاء عنها بشاهد الحال وعدمه لكنه تخيل فاسد فإن مقتضى صريح بعض جواز الحكم له وإن لم يعمل بالاذن منه أصلا كما هو المعلوم لمن تتبع كلماتهم ثانيها انه قد نقل عن المختلف الاستدلال لعدم الاحتياج إلى المسألة بعد الاعتراف بكون الحكم حقا للمدعي بأنه ربما يجهل المدعي بكون حقا له فيضيع حقه وهو فاسد لما ذكره بعض مشايخنا طيب الله رمسه من أن غاية ما يلزم منه تنبيه الحاكم له وأما الحكم بدون اذنه بعد الاعتراف بكونه حقا له فلا يقتضيه الجهل منه بذلك كما لا يخفى ثالثها انه قد يستفاد من كلمات بعض مشايخنا في المقام القول بوجوب الحكم على الحاكم فضلا عن جوازه من دون مسألة المدعي لان مقتضى أدلة وجوب الفصل على الحاكم بين المترافعين هو وجوبه عليه ما لم يرفعا اليد عن المرافعة وهذا البناء منه من جهة ما بنى عليه في أصل المسألة من كون الحكم حقا للحاكم بمقتضى اطلاق أدلته من غير تعلق حق للمدعي به أصلا وقد عرفت فساد هذه الدعوى وكونها غير مستفادة من الأدلة أصلا رابعها انه على القول بالاحتياج إلى الاذن والسؤال هل هو شرط لتأثير الحكم فيقع بدونه لغوا أو شرط في جوازه وإن أثر ان وقع من دون إذن أيضا وجهان ظاهر كلماتهم يقتضي الثاني وإن لم نقف على التصريح به في كلام أحد لكن نفى الأستاذ دام ظله الاشكال عنه وهو كذلك فتأمل.
قوله ولو أدعى الاعسار كشف عن حاله فإن استبان فقره أنظره الخ أقول أي بعد ما ثبت عليه الحق بإقراره سواء كان قبل حكم الحاكم أو بعده وطولب بالأداء فإن ادعى الاعسار كشف الخ وقد أورد الأستاذ العلامة دام ظله على ظاهر العبارة هنا إشكالا لا بد من التعرض له وهو ان ظاهرها انه يجب على الحاكم الفحص والبحث أولا من حال المدعي وصدقه في دعواه ثم إن لم ينكشف له يراعى ما لا بد منه مراعاته في سائر الدعاوى من