المدفوع بالأصل وبعبارة ثالثة المدعى عليه في دعوى وجود البينة على الجرح هو نفس الحاكم من حيث رجوع دعوى الجرح إلى أن الحكم بالبينة حكم بالجور فلا يجوز له العمل بالأصل بل يجب الفحص عليه بخلاف دعواه في غير الصورة فإنها دعوى على المدعى فالحاكم يفصل بينهما بما جعل ميزانا له ولو بضميمة الأصل.
هذا ملخص ما أفاده الأستاذ العلامة في وجه الفرق وأنت خبير بإمكان المناقشة فيه بأن دعوى وجود البينة من المدعي إن كان مسقطا للأصل عن الاعتبار فلا فرق بين المقامات وإلا فلا معنى للفرق أيضا فنقول في صورة دعوى وجود البينة على الجرح ان الميزان تام ولو بضميمة الأصل المعتبر بالفرض وبالجملة ما ذكره من الوجوه اعتبارات لا تصلح للفرق والله العالم.
الثامن ذكر الفاضل في القواعد وبعض الأصحاب في غيره مسألة انه هل يكون البينة حجة على غير المدعى عليه أم لا واختار عدم الحجية ومجمل القول فيها انه إن أريد من الحجية على غير المدعى عليه انه لا يجوز له الدعوى على المدعي أصلا ولا المخاصمة مع المدعى في العين التي أقام البينة على كونها ملكا له عند الحاكم فلا دليل عليه أصلا بل مقتضى الأدلة حتى الاجماع خلافه وإن أريد ان بعد حكم الحاكم بالبينة يجب على الناس إنفاذه وترتيب أثر ملكية المدعي على العين التي أقام البينة على كونها ملكا له فإن أريد صورة العلم بالخلاف فلا معنى له أيضا وإن أريد صورة الجهل فلا إشكال فيه لأنه معنى اعتبار البينة في مقابل انكار المنكر ووجوب إنفاذ حكم الحاكم والله الحاكم بالصواب هذا بعض الكلام في الصورة الثانية وهي ما لو كانت العين بيد أحدهما.
وأما الكلام في الصورة الثالثة وهي ما لو كانت خارجة عن يدهما فإن كانت بيد ثالث صدقهما أو صدق أحدهما فتدخل في الصورة الأولى على الأول وفي الصورة الثانية على الثاني بناء على ما عرفت من أن اقرار ذي اليد يجعل المقر له ذا اليد عرفا وشرعا وإن لم تكن في يد ثالث أو كانت ولم يثبتها لأحدهما فلا يخلو إما أن يكون لاحدى البينتين مزية على الأخرى أم لا فالكلام يقع في المقامين.
أما الكلام في المقام الأول وهو ما لو كانت لاحدى البينتين مزية على الأخرى فيقع في مقامات أحدها في الترجيح بالمزية في الجملة وإن كان بالمزية المنصوصة ثانيها في التعدي عنها إلى غيرها من المزايا ثالثها في الافتقار إلى اليمين بناء على الترجيح بالمزية وعدمه.
أما الكلام في المقام الأول فيقع أيضا في مقامين أحدهما في تحقيق ما هو قضية الأصل الأولي في الترجيح ثانيهما في وجود المخرج عنه.
أما الكلام في المقام الأول فنقول ان الذي يقتضيه التحقيق المحقق مستقصى في محله بالنظر إلى الأصل الأولى هو عدم الترجيح بالمزية الغير المعتبرة كما أن الأصل عدم الحجية في الظن الغير المعلوم اعتباره من الدليل القطعي سواء كان اعتبار البينتين من باب التعبد أو الظن النوعي فالبينة الراجحة بالنظر إلى مقتضى الأصل سواء في الحكم مع البينة المرجوحة.
فبعد ما كان مقتضى الأصل الأولى عدم الترجيح بالمزية فهل مقتضاه ايقاف الدعوى لعدم وجود الميزان للقضاء لفرض تساوي البينتين من حيث الحكم أو الحكم بالتنصيف من حيث كونه جمعا بين العمل بالبينتين أو انتقال الميزان إلى اليمين وكونها الفاصلة للخصومة للفرض أو إلى القرعة بدون الاحتياج إلى انضمام اليمين