إلى ما كان قابلا للحكم وفصل الخصومة إلى غير ذلك.
ثالثها ما فهم مما ذكرنا في مبنى الخلاف في المسألة ويستفاد من كلام بعض الاعلام أيضا من أن نصبه القاضي تصرف منه (عليه السلام) يقتضي الدوام كساير تصرفاته القولية الباقية بعد موته وفيه أولا منع كونه تصرفا بل هو مجرد اذن كالوكالة وثانيا عدم ثبوت كونه من أحدهما وقد عرفت أن مقتضى الأصل بعد عدم الدليل على تعيين كون نصب القاضي من قبيل التصرف أو الوكالة هو عدم جواز التصرف هذا مجمل القول في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول إن الحق فيه عدم الانعزال لنا على ذلك وجوه أحدها الاجماع المنقول في كلام جماعة المعتضد بالشهرة المحققة بل عدم الخلاف في المسألة وقد ذكرنا غير مرة في الفقه والأصول ان الحق حجية الاجماع المنقول المعتضد بمثل ما ذكر من باب الخصوص وإن لم نقل بحجية مطلقه على ذلك الوجه ثانيها ما يظهر من بعض أيضا من كون نصبه النائب العام اخبارا باستحقاقه الحكومة والقضاء نظير اخباره واعلامه باعتبار البينة ونحوها من الامارات المعتبرة شرعا فلا مدخلية لاذنه في ذلك أصلا حتى يرتفع بارتفاعه وفيه منع ظاهر ثالثها ما يظهر من جماعة من كون أصل الحكم بين الناس مشتركا بين الامام وغيره ممن يعلم بالحكم غاية الأمر ثبوت الدليل على كون جواز قيام غيره مشروطا بإذنه كما في صلاة الميت حيث إنها واجبة على جميع الناس لكن جواز اتيانها وصحتها موقوف على اذن الولي فلا تنافي بين كونه حكما شرعيا (فرعيا خ) مشتركا بين الامام وغيره وكونه مشروطا بإذن الامام كما ذكرنا في مسألة الصلاة على الميت لا أن يكون أصل الحكم بين الناس حقا للامام ومنصبا له وكان جواز ارتكاب غيره من جهة اذنه وكونه نائبا عنه فإذا كان أصل أدلة وجوب الحكم بين الناس مشتركا بين الامام وغيره على ما هو المفروض فلا معنى لارتفاعه بموت الامام وفيه أيضا تأمل بل منع يعرف وجهه مما ذكرنا سابقا في ابتداء المسألة فراجع إليه وتأمل فيه حتى يظهر لك حقيقة الامر رابعها ظهور ما ورد من الاخبار في باب نصب الإمام للنائب العام في كونه من قبيل التصرف وإعطاء السلطنة فلا يرتفع بموت الإمام (عليه السلام) حسبما عرفت تفصيل القول فيه مثل قوله في رواية أبي خديجة فإني قد جعلته قاضيا فإن هذا اللفظ ظاهر فيما ذكرنا كما لا يخفى فتأمل خامسها ما يظهر من بعض مشايخنا أيضا من أنا لا نحتاج في اثبات بقاء ولاية الفقيه في زماننا وأشباهه إلى دليل من حيث وصول الاذن العام من إمام العصر عجل الله فرجه في التوقيع الشريف وهو حي لا يزول إذنه حتى يرتفع ما يتوقف عليه هذا ولكن في زماننا هذا وأشباهه مما لا يمكن فيه الرجوع إلى الإمام (عليه السلام) لا نحتاج إلى هذا أيضا لانعقاد الاجماع على نفوذ حكم من كان أهلا للفتوى هذا كله في القاضي المنصوب من قبل الامام.
وأما النائب عن المجتهد في زمان الغيبة فهل ينعزل بموته أم لا والكلام فيه أيضا في مقامين أحدهما النائب الخاص أي من نصبه لأمر مخصوص ثانيهما النائب العام أي من نصبه لأمور عامة كالمتولي للأوقاف أو الأيتام أما الكلام في الأول فلا إشكال في انعزاله بموته لما عرفت في النائب الخاص عن الامام بل الامر فيه أوضح كما لا يخفى وأما الكلام في المقام الثاني فالحق فيه أيضا الانعزال لعدم ما يدل على بقائه هنا كما دل في النائب العام عن الامام وقد عرفت أن مقتضى الأصل بعد عدم الدليل على البقاء هو الانعزال وعدم جواز التصرف وما يمكن أن يقال وجها للبقاء وعدم العزل هو أن مقتضى عموم ما دل من الاخبار على نفوذ تصرف الحاكم ولو بعد الموت هو بقاء النيابة وعدم ارتفاعها بالموت لكن ضعفه ظاهر لعدم دليل يدل بعمومه على نفوذ جميع تصرفات الحاكم ولو بعد الموت إذ ليس هو كالامام مالكا لجميع الاعصار كما لا يخفى.