على الميت إلى الدعوى على الغائب في الحكم بلزوم اليمين نظرا إلى عدم تمامية السبب على هذا التقدير بدون اليمين والمفروض عدم توجهها إلى الوكيل ولكنك خبير بضعفه لما قد عرفت أن اليمين في الدعوى على الميت الذي يكون موردا للنص إنما هي من جهة دفع الدعاوى المقدرة هذا مضافا إلى أنه لو بنى على ذلك لزم سد اثبات الحقوق بالتوكيل ولعلنا نتكلم في هذا زيادة على هذا إن شاء الله.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو التعدي عن الغائب إلى الصبي والمجنون وأمثالهما في اشتراط الدفع بالتكفيل فالمظنون بالظن القوي وإن كان هو التعدي لكنه مما لم يقم دليل قطعي على اعتباره إن لم ندع قيام الدليل على عدمه لدخوله في القياس المنهي عنه فالحكم بعدم التعدي عنه هو المتعين والله العالم.
قوله وأما السكوت فإن اعتمده الزم بالجواب الخ أقول قد عرفت سابقا ان بعد تقرير الدعوى من المدعي المدعى عليه لا يخلو إما أن يجيب أو يسكت أو يجيب بما يكون في حكم السكوت كلا أقر ولا أنكر وعلى التقدير الأول أيضا لا يخلو إما أن يجيب بالاقرار أو الانكار أو بلا أدري ولا أعلم وقد عرفت حكم الجواب بالاقرار والانكار وبقي حكم السكوت والجواب بلا أدري وشبهه فلا بد من التعرض له وتفصيل القول فيه حسبما يقتضيه المجال بعون الملك المتعال.
فنقول أما السكوت فلا يخلو إما أن يكون من آفة من طرش أو خرس أو من عناد فإن كان الأول توصل الحاكم إلى معرفة جوابه بإشارته إما بنفسه كما إذا تمكن من معرفتها بحيث يحصل له القطع منها بكونه مقرا أو منكرا أو الظن على القول بكفايته في المقام أو بمترجمين عدلين على الأقوى ولا يجوز له الحكم بالنكول وغيره من دون التوصل إلى معرفة الجواب في الصورة المفروضة بلا إشكال ولا خلاف عملا بالميزان المقرر في الشرع بالقدر الممكن وإن كان الثاني فالمعروف فيه بين الأصحاب رضوان الله عليهم ثلاثة أقوال أحدها الحبس حتى يجيب وهو المحكي عن جمع كثير منهم الشيخان والديلمي وابنا حمزة وسعيد والفاضل وولده بل في مسالك الأفهام نسبته إلى المتأخرين ثانيها الضرب حتى يجيب حكاه المصنف وجماعة قولا في المسألة لكن صرح بعض مشايخنا بعدم وجدان القائل به ثالثها القضاء عليه بعد قول الحاكم له أجب وإلا جعلتك ناكلا وهو صريح كلام الشيخ في المبسوط حيث قال فأما القسم الثالث وهو ما إذا سكت أو قال لا أقر ولا أنكر قال له الحاكم ثلاثا إما أجبت عن الدعوى وإلا جعلتك ناكلا ورددنا اليمين على خصمك وقال قوم بحبسه حتى يجيبه بإقرار أو إنكار إلى أن قال والأول يقتضيه مذهبنا والثاني أيضا قوي انتهى كلامه وهو المحكي عن الحلي في السرائر قائلا بأنه الصحيح من مذهبنا وأقوال أصحابنا وعن العلامة في موضع من قواعده وعن القاضي قائلا بأنه ظاهر المذهب.
ثم بالحري أن يعلم قبل الخوض في أدلة الأقوال وتحقيق الحق منها ان نزاعهم في المقام هل هو بعد سؤال المدعي عن البينة وعدم إقامتها كما إذا كان مجيبا بالانكار مع قبوله الحلف أو الرد أو مع امتناعه عنهما ضرورة ان أحكام الانكار إنما تترتب عليه مع سؤال المدعي عن البينة وعدم إقامتها أو يجري في أول الأمر من دون سؤال المدعي عن البينة بمعنى انه بعد تحرير الدعوى من المدعي يسئل الجواب من المدعى عليه فإن سكت ولم يجب يعامل بأحد الأقوال المذكورة على حسب مذهب القائل من دون سؤال من المدعى بل وهو أقام البينة أيضا لم تسمع منه وجهان ظاهر ما يتراءى من كلماتهم في بادي النظر هو الثاني كما لا يخفى للناظر إليها وقد يؤيد بل يستدل عليه بأن سماع البينة إنما هو بعد الجواب من المدعى عليه والمفروض انه لم يحصل في الفرض فليس المقام موضع الحكم بالبينة ولكن مقتضى التأمل في كلماتهم واستدلالاتهم هو الأول لظهور انها ليست في مقام بيان