وهذا ظاهر لمن راجع إلى طريقة المسلمين في جميع الأعصار والأمصار.
وفيه أنه على فرض تسليم تحقق السيرة وعدم كونها من جهة عدم المبالاة في الدين وشريعة سيد - المرسلين لا ينافي ما ذكرنا لان التصرف في التركة الكثيرة مع وجود الدين القليل لا يعد عادة تضييعا للدين أو ايقاعه معرض الضياع ولو فرضت التركة قليلة أو كثيرة لكن أراد الوارث التصرف في جميعها ببيع ونحوه أو أراد التصرف في البعض مع عدم بقاء الباقي عادة لم يجز التصرف له قطعا ولو فرض قيام السيرة عليه فيحكم بعدم جواز التمسك بها لعدم كشفها عن تقرير الحجة مع ما مر عليك من الاخبار الظاهرة في المنع عن التصرف بما يوجب الضياع أو ايقاع التركة معرضه.
وبالجملة مقتضى قوله إن الميت أحق بدينه من غيره بعد القاء خصوصية الدية للقطع بعدم مدخليتها من بين الأموال عدم جواز التصرف في التركة بما يوجب تفويت الدين الذي كان على الميت أو إيقاعه معرض - الضياع فكل تصرف من الورثة كان مفضيا إلى تفويت حق الغرماء أو وقوعه معرض الفوت لم يكن جايزا لأنه مقتضى أحقية الميت بماله وكل تصرف لم يكن مفضيا إلى ذلك فلا دليل على منعه عن ذلك لان المنع الذي ورد في الاخبار عن التصرف في التركة مع تعلق الدين بها إنما هو من حيث كونه موجبا لضياع حق الديان لا لان التصرف في التركة في الفرض من المحرمات من حيث هو هو مع قطع النظر عن الضياع.
وبالجملة لا بد من مراعاة الميت في ماله وعدم فعل ما يوجب حرمانه منه وبقاء اشتغال ذمته فكل تصرف لا يوجب ذلك فهو جايز على القاعدة فلو فرض كون تعلق حق الغرماء بذمة الوارث أولى من تعلقه بأعيان التركة من حيث كونها في معرض الضياع دون الذمة فلا بد من الحكم بجواز التصرف في التركة مع بناء الوارث على ضمان حق الغرماء وانتقاله إلى ذمته فتأمل.
ثالثها ما تمسك به الفاضل القمي رحمه الله فيما تقدم من كلامه ومن تقدم عليه ومن تأخر عنه من لزوم - الحرج في منعهم من التصرف في التركة مع عدم استيعاب الدين حسبما هو المفروض وفيه ما عرفت سابقا في الايراد على الفاضل القمي رحمه الله ولا تطلب (فلا نطيل خ) بالإعادة.
رابعها ان منع الورثة من التصرف في التركة موجب لورود الضرر عليهم في بعض الأحيان وفيه أيضا ما لا يخفى.
خامسها ما تقدم من قوله في الرواية إذا لم يكن الدين محيطا بالتركة فلينفق عليهم أي على الصغار من وسط المال وجه الاستدلال انه يدل بظاهره على جواز التصرف في التركة في صورة عدم الاستيعاب وفيه أن المراد من وسط المال هو التصرف الذي لا يوجب ضررا على الديان أصلا وقد عرفت أن هذا النحو من التصرف جايز قطعا هذا ما ذكره الأستاذ العلامة في الجواب عن الرواية ويمكن أن يجاب أيضا بأن إذن الإمام (عليه السلام) في التصرف في الفرض من جهة مراعاة حال الصغار فتأمل هذا مجمل القول في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني أي جواز التصرف وعدمه على القول بانتقال ما قابل الدين أيضا إلى الورثة فالحق فيه أيضا عدم جواز التصرف بما يوجب تضييع حق الغرماء أو ايقاعه معرض الضياع لأنا وإن قلنا بانتقال ما قابل الدين إلى الورثة لكنه محجور فيه بمقتضى الروايات المتقدمة الدالة على عدم جواز التصرف في التركة قبل أداء الدين والمفروض انه لا يعلم كون أي جزء من التركة مما قابل الدين حتى يجوز التصرف في غيره حسبما عرفت تفصيل القول فيه في المقام الأول فلا يجوز له التصرف إلا بعد استقرار ملكيته الذي لا يحصل إلا بعد رفع