الأول كما يظهر وجه بالتأمل وعليه فهل يحتاج بعد القرعة في الحكم بها ان خرجت باسمه القرعة إلى حلفه فإن حلف كانت له وإن نكل حلف الآخر وكانت له وإن نكلا قسمت بينهما كما هو المحكي عن التحرير والفاضل في الكشف أو لا يحتاج إلى ذلك وجهان أوجههما الأول والوجه فيه ظاهر لان القرعة تكشف عن كون من خرجت باسمه هو المقر له فيصير زايدا عليها فيراعى حكمه ومما ذكرنا كله يظهر فساد ما ذكره بعض مشايخنا من الحكم بالتنصيف هنا مستندا إلى أصل لم يعلم له أصل أصلا ثم الحكم بعدم الاحتياج إلى اليمين على القول بالقرعة لكونها ميزان القضاء في الفرض والله العالم.
قوله ويتحقق التعارض في الشهادة مع تحقق التضاد مثل ان يشهد الشاهدان آه أقول لما فرغ المصنف من بيان حكم صور التداعي فيما لم يكن هناك بينة أصلا أراد أن يذكر حكم صورة وجود البينة ولما كان حكم صورة وجود البينة لأحدهما معلوما تعرض لحكم صورة وجودها لكل منهما ولها صور فبالحري قبل التعرض لها وحكمها أن نبين المراد من التعارض والفرض بينه وبين التكاذب الذي جعله بعض الأصحاب غير التعارض موضوعا وحكما.
فنقول إما التعارض فهو تفاعل من العرض وهو الورود كما في قولهم عرض الناقة على الحوض المراد من تعارض الكلامين سواء في المقام أو غيره هو تنافي مدلولهما فيشمل التضاد والتناقض فلو شهدت إحدى البينتين بأن هذا مال زيد في الأمس والأخرى بأنه مال عمرو في الحال لم تكونا متعارضتين بخلاف ما لو شهدت كل منهما بملكيته لكل منهما في زمان خاص أو مطلقا فإنه لا إشكال في كونهما من المتعارضين فلا بد من وحدة الموضوع فيهما نعم لو كانا في كلام متكلم واحد أو متكلمين منزلين منزلة متكلم واحد من حيث كشف كلام كل منهما عن مراد الآخر كما في تعارض الاخبار من الرسول المختار والأئمة الأخيار عليهم سلام الله الملك الجبار ربما يجمع بينهما بجعل أحدهما قرينة للآخر وهذا بخلاف ما لو كانا في كلامين لمتكلمين لا دخل لأحدهما بالآخر كما في المقام فإنه لا معنى للجمع بينهما بالمعنى المذكور من جعل أحدهما قرينة للآخر نعم قد يجمع بينهما بملاحظة مستندهما حسبما سيأتي تفصيل القول فيه لكنه لا دخل له للجمع بالمعنى المتقدم كما لا يخفى هذا.
وأما التكاذب فقد صرح العلامة في محكي القواعد بكونه غير التعارض وجزم بكون الحكم فيه التساقط مطلقا بخلاف التعارض ومثل له بما لو شهدت أحد البينتين بأن زيدا قتل عمروا مثلا في زمان وشهدت الأخرى التي أقامها زيد المدعى عليه بأنه لم يكن عند عمرو في الزمان المذكور بل كان في بلد اخرا وعند الشاهدين ونحوهما وقرره الفاضل في كشفه ومثل له حسبما حكى عنه بما لو شهدت إحدى البينتين بأن الولد للمرأة الخاصة وانها ولدته وشهدت الأخرى بأنه ولد من مرأة أخرى وانها ولدته وحكى عن الشيخ رحمه الله في صورة التكاذب اجراء حكم التعارض من حيث كون كل منهما حجة شرعية يجب العمل به مهما أمكن فلا وجه للحكم بتساقطهما مطلقا.
فإذا نقول إنه يحتمل ان يكون المراد من التكاذب أحد أمور ثلاثة أحدها ما حكاه الأستاذ العلامة عن ظاهر الفخر رحمه الله من كونه ما لم (لا خ) يمكن الجمع بين البينتين بتأويل قريب ثانيها أن يكون المراد منه ما لو علم بتعمد إحديهما في الكذب أو اشتباهها وخطأها الغير المستند إلى خطأ المستند الشرعي كالأصل واليد و نحوهما فإن في صورة تعارض البينتين يعلم إجمالا بعدم موافقة إحديهما للواقع فتارة يكون السبب في وقوع الشاهد في خلاف الواقع خطأ المستند الشرعي وأخرى تعمده في الكذب أو اشتباهه في حسه أو حدسه ثالثها