والحاصل انه لا معنى لقياس الغريم بالوارث أصلا فإن الوارث بعد الحلف هل ان يفك المحلوف عليه بخلاف الغريم فإنه ليس له ذلك قطعا فلا يقاس أحدهما على الآخر.
ثانيهما ما أشار إليه الأستاذ العلامة من قوله وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض الآية فإن مقتضى كون الوارث أولى بالميت من غيره جواز حلفه له لأنه ربما ينفعه في استخلاصه من الدين وغيره من الحقوق وبالجملة مقتضى دليل الولاية كون الوارث قائما مقام الميت فكما انه جاز له الحلف كذلك يجوز للوارث الحلف أيضا بعد تنزيله منزلة المولى عليه.
فيخرج به عما دل بعمومه لو فرض له عموم على أنه لا ينفع حلف الغير للغير بل ليس خروجا حقيقة بالبيان الأخير وهذا ملخص ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله.
ولكنك خبير بأنه لو فرض هناك دليل يدل بعمومه على المعنى المذكور كان عمومه حاكما على دليل الولاية فإنه يدل على أن جواز الحلف من لوازم نفسه لا يتعداه إلى غيره فهو لا يقبل النيابة فيه بل هو كالأبوة والبنوة ونحوهما من الأوصاف القائمة بالميت غير قابلة للتنزيل حتى يجري فيه أدلة الولاية فالأحسن على هذا منع العموم كما صنعه الحسن وغيره ممن أحسن بأهل الاسلام ولم يذكر هذا الوجه شيخنا الأستاذ أيضا متكلا عليه بل ذكره تأييدا ولا بأس به هذا بالنسبة إلى الوارث.
وأما الغريم فهل له المرافعة أم لا الذي يظهر من كلام جماعة منهم العلامة في القواعد ان له هذه في الجملة كما إذا كان له بينة عادلة أو لم تكن وأراد الغريم حلف المدعى عليه لان له أيضا حقا بالنسبة إلى التركة لكن الذي يظهر من الجميع عدم جواز الحلف له فلو توقف استخراج الحق عليه وانحصر ميزان - القضاء به لم يكن له ذلك إذا عرفت أن لكل من الغريم والوارث احلاف المدعى عليه فلو أحلفه الغريم فيسقط دعواه منه قطعا.
وأما الوارث فله الدعوى قطعا لان سقوط حق أحدهما لا يوجب سقوط حق الآخر فإن أحلفه أيضا فلا أشكال وأما إن أقام البينة على الحق أو حلف عليه بعد رد اليمين عليه فإن أخذ الحق من المدعى عليه فذكروا انه لا إشكال في أن للديان الاخذ من الوارث لان ما أخذه تركة من الميت فيتعلق حق الديان به أيضا إذ لا ترجيح لغيره عليه واحلافه المدعى عليه إنما اقتضى عدم جواز أخذه منه لا من الوارث أيضا وإن لم يأخذ الحق من المدعى عليه فقد استشكل في القواعد في جواز أخذ الغريم منه حيث قال بعد نقل الخلاف في انتقال التركة إلى الوارث وفي جواز تصرفه ما هذا لفظه وعلى التقديرين المحاكمة للوارث على ما يدعيه لمورثه وعليه ولو أقام شاهد أحلف هو دون الديان وان امتنع فللديان احلاف الغريم فبرء منهم لا من الوارث فإن حلف الوارث بعد ذلك كان للديان الاخذ من الوارث إن أخذ وهل يأخذون من الغريم إشكال انتهى كلامه.
وذكر الأستاذ العلامة وجماعة ممن تقدم عليه وعاصره في وجه الاشكال ان الغريم باحلافه المدعى عليه قد أسقط حقه عنه بمقتضى قوله (عليه السلام) وذهبت اليمين بما فيها فلا معنى لجواز مطالبته منه بعد سقوط حقه ثم أيد ذلك الأستاذ بأن الذمة لما كانت من الأمور الاعتبارية المنتزعة من الأحكام الشرعية فيصح أن يقال حينئذ ان المدعى عليه مشغول الذمة للوارث دون الغريم وان ما في ذمته تركة للميت بالنسبة إليه دون الغريم لاسقاط حقه بالحلف ثم أيده أيضا بما في بعض الروايات من أنه إذا لم يأخذ الورثة الحق من غريم الميت يأخذه الميت منه في يوم القيامة مثل صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق (عليه السلام) قال إذا كان للرجل على الرجل دين فمطله حتى مات