ثالثها ما مر سابقا من الاخبار الظاهرة في جواز القضاء بالنكول وإنما لم نحكم بمقتضاها في صورة التمكن من - الرد لمعارضتها بما دل على عدم جواز القضاء به مما مر وأما في المقام فهي سليمة عن المعارض لاختصاصه حسبما عرفت بصورة التمكن من الرد.
وفيه أنه لو سلم دلالة الاخبار فلاوجه للمعارضة بما مر من الأدلة لأنها كما عرفت عمومات لا بد من تخصيصها بما دل على جواز القضاء بالنكول نعم لو كانت النسبة التباين الكلي لاستقام ما ذكره رابعها ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله ولم أر ذكره في كلام غيره ممن تقدم عليه وعاصره وهو ان اعتبار الشارع لموازين القضاء من جهة كونها ظنونا نوعية وامارات غالبية على صدق المدعي وكذب المنكر أو بالعكس كالبينة من المدعي أو اليمين منه بعد رد المنكر أو الحاكم بعد امتناعه عن الحلف والرد فإنه امارة على كذب المنكر وصدق المدعي والمراد بالظهور النوعي في طرف الحلف إنما هو بالنسبة إلى حال الحالف بالنظر إلى اسلامه فلا يرد انا نرى كثيرا ما يقدمون الناس على اليمين الفاجرة فكيف يكون اليمين امارة على صدق الحالف ونكول المدعي عن الحلف بعد رد المنكر أو الحاكم إليه فإنه امارة على كذب المدعى كما أن رد المنكر امارة على صدقه هذا إذا تمكن المدعي عن الحلف واما إذا لم يتمكن منه كما هو محل البحث فليس نكوله امارة على كذبه كما أن رد المنكر حينئذ ليس امارة على صدقه بل امتناعه عن الحلف في الصورة المفروضة امارة على كذبه فيؤخذ بالحق.
وفيه مضافا إلى كونه وجها اعتباريا لا يمكن أن يصير دليلا في المسألة حسبما صرح به الأستاذ دام إفادته أيضا ان هذا منقوض بامتناعه عن الحلف والرد في صورة جواز الحلف للمدعي فإنه أيضا امارة على كذبه فلم لا يجوز القضاء بالنكول مع جريان هذا الوجه فيه أيضا والقول بأن المنكر لما يعلم بأن الحاكم يرد اليمين بعد نكوله إلى المدعي فلا يكون نكوله دليلا على كذب انكاره فيه ما لا يخفى فساده على أحد.
ثم إن ما ذكره الأستاذ العلامة قد يظهر من غيره ممن تقدم عليه مثل الشهيد رحمه الله في المسالك حسبما هو ظاهر كلامه وغيره في غيره لكنك قد عرفت أن مقتضى التحقيق خلافه وانه لا فرق على تقدير المصير إلى عدم القضاء بالنكول بين الصورتين ولكن الأستاذ العلامة قد رجع عما ذكره فراجع هذا ولكن قد يقال بإمكان المصير إلى القول المذكور من جهة بعض الأخبار الواردة في خصوص المقامات كما في دعوى التهمة مثل قوله فان اتهمته فاستحلفه لعله يستخرج منه شئ فإنه يدل على إلزامه باليمين حتى يخرج منه الحق وإلا فلا معنى لقوله لعله يستخرج منه شئ وفي دلالته على المدعى تأمل فتأمل.
ثم إن بما ذكرنا يظهر لك فساد القول بالحبس أيضا فإنه لا دليل على جوازه بعد عدم القول بالقضاء بالنكول فلا بد من إيقاف الدعوى حينئذ إذ لا دليل على منعه وقد يذكر في المسألة وجوه أخر للأقوال مع نقضها مذكورة في كتب الأصحاب رضوان الله عليهم فليرجع إليها.
قوله فلو بذل المنكر يمينه لم يلتفت الخ أقول بذل المنكر يمينه لا يخلو إما أن يكون بعد حكم الحاكم بالنكول على القول به أو بالرد بعد الحلف أو قبله فإن كان في الأول فلا ينبغي الاشكال في عدم الالتفات إليه حسبما هو المشهور بينهم على ما ينادي به كلماتهم بل مقتضى كلام بعض مشايخنا عدم الخلاف فيه عندهم لارتفاع الخصومة وحصول الفصل بعد الحكم قهرا فلا يبقى مورد للبذل من غير فرق في ذلك بين عرض الحكم عليه وعدمه وادعائه جهل الحكم لان مجرد نكوله صار سببا لحكم الحاكم عليه من غير مدخلية لجهله في