الأول وأما عن الثاني فبما ذكرنا في الجواب الثاني عن الأول من كونه مرددا بين ما يدل على المدعى وبين مالا يدل عليه فيكون مجملا ساقطا عن درجة الاستدلال والاعتبار وأما الاستدلال بالاجماع المنقول في المقام كما وقع عن سيد مشايخنا فلا مسرح له أصلا بعد ذهاب جماعة من الاجلاء بل أكثر القدماء على خلافه هذا مجمل القول فيما استدلوا به على عدم الجواز.
وأما ما استدلوا به على الجواز وهو المختار فهو الأخبار الواردة في الباب من الأئمة الأطهار عليهم - السلام عموما وخصوصا وهي كثيرة بل حكى شيخنا الأستاذ العلامة عن بعض الاعلام في تعليقته على التهذيب ان جواز القضاء بالنكول مقتضى أكثر الأقوال وأكثر الاخبار.
منها قوله البينة على المدعي واليمين على من أنكر أو البينة على من ادعى واليمين على من ادعى عليه وجه الدلالة انك قد عرفت سابقا ان مقتضى كل من القضيتين حصر مبتدأها في خبرها وبالعكس فيصير المعنى انه لا بينة إلا على المدعي ولا مدعى إلا عليه البينة ولا يمين إلا على من أنكر ولا منكر إلا عليه اليمين فيدل كل من القضيتين بمقتضى الحصر على جواز القضاء بالنكول لأنه لو لم يقض به لوجب رد اليمين على المدعي وهو مكذب لعكس القضية الأولى وهو قوله لا مدعي إلا عليه البينة وأصل القضية الثانية وهو قوله ولا يمين إلى علي من أنكر فيصير قضية كل من القضيتين هو جواز القضاء بالنكول هذا.
وقد يجاب عن الاستدلال به بالمعارضة بيانها انه كما ينفى عكس القضية الأولى القضاء باليمين المردودة كذلك ينفى القضاء بالنكول أيضا لأنه غير البينة فلا يثبت حق المدعي به بل قد قيل إن دلالة القضيتين على عدم جواز القضاء بالنكول أقوى وأتم من دلالتهما على جواز القضاء به ولهذا استدل جماعة بالرواية على عدم جواز القضاء بالنكول.
بيان ذلك أن الرواية بمقتضى الحصر المفروض دلالتها عليه تنفى القضاء بغير البينة للمدعي وبغير اليمين للمنكر فمقتضاها عدم جواز القضاء في صورة اليمين المردودة مطلقا وفي صورة النكول وغيرهما خرج منه القضاء باليمين المردودة من المنكر بالاجماع والاخبار والقضاء في صورة اليمين المردودة من الحاكم بعد عدم حلف المنكر وامتناعه من الرد مطلقا (أيضا خ) لان القضاء فيها أيضا يقيني وإن تردد في كونه من جهة النكول أو اليمين فيبقى صورة مجرد النكول من غير رد مشكوكة فيتمسك بالحصر المستفاد من الرواية على عدم خروجها فلا يجوز القضاء فيها هذا.
وقد يجاب عن الأتمية والمعارضة أما عن الأولى فبأن القضاء في صورة الرد بعد النكول وإن كان يقينيا إلا أنه لا ينفع في إثبات القضاء باليمين المردودة وعدم جواز القضاء بالنكول لكون نسبته إلى كل منهما على السواء ولا أولوية لاستناده إلى أحدهما ونفيه عن الآخر هذا مجمل ما يقال في الجواب وأنت تقدر على الجواب عنه بما عرفته في تأسيس الأصل فراجع وتأمل وأما عن الثانية فبما عرفته في بعض كلماتنا السابقة من أن - الرواية في مقام حصر ما يلزم به المدعي في اثبات الحق وحصر ما يلزم به المنكر في التخلص عن الدعوى من جهة لفظة على وأما النكول فليس مما يلزم به المدعي حتى ينفيه قوله لا مدعي إلا عليه البينة بل هو شئ يحكم به الحاكم من غير أن يكون له مدخل فيه أصلا بل إلزام المدعي بالنسبة إليه غير معقول وأنت خبير بفساد هذا الجواب أيضا لأنك قد عرفت أن المراد من الالزام في المقام ليس هو الالزام النفسي بل الالزام الشرطي - الارشادي وهو كاشف عن ارتباط بين المقصود والملزم به فوجه إلزام المدعي بالبينة وعدم إلزامه بغيرها هو عدم