واما الجواب عن دليل ما صار إليه العلامة رحمه الله من التفصيل فاما عن الأول فقد عرفت واما عن - الثاني فبانا نمنع من كون اخذه للزايد انما هو من جهة مصلحة المالك بل انما من جهة مصلحة نفسه من حيث توقف استنقاذ حقه عليه فليس محسنا نعم الزايد في يده بعد البيع واخذ مقدار الحق لا يكون مضمونا عليه لما ذكر.
لا يقال سلمنا كونه مقدمة لاستنقاذ ماله لكن الاذن في اخذه تبعا يقتضي عدم الضمان على تلفه من غير تعد وتفرط وان هو الا نظير ما ذكروه في باب توقف استنقاذ حق المغصوب منه على كسر قفل من الغاصب أو تخريب بنيان منه كما في الخشبة المستدخلة في الحايط من أنه يجوز له استنقاذ ماله وان لزم ما لزم بل ذكر جماعة في مسألة العين المدعى أيضا حسبما عرفت سابقا انه لو توقف اخذها على كسر قفل من المدعى عليه فهو جايز له.
لأنا نقول قد عرفت أن مجرد الإذن الشرعي لا يوجب رفع الضمان سواء كان تبعا أو أصالة وقياس المقام بما ذكروه في مسألة الغصب والعين فاسد إما أولا فلان المتوقف عليه في المقام انما هو الاخذ دون الاتلاف بخلافه في المقيس عليه فان المتوقف عليه فيه هو الاتلاف فيمكن ان يقال إن الاذن فيه موجب لرفع الضمان واما ثانيا فلانا نمنع من جواز كسر القفل إذا لم يوجب عدم كسره ضررا على المدعى وعلى فرضه لا دخل للحكم بالجواز فيه بما نحن فيه أصلا كما لا يخفى واما الغصب فالحكم فيه خارج عن القاعدة من جهة ما دل على أنه لا حق للعرق الظالم فلا معنى للقياس عليه أصلا.
الأمر الخامس ان ما ذكرنا من الكلام كله من أول مسألة المقاصة إلى هنا انما هو في الدين واما العين فهل يجوز التقاص عنها إذا لم يمكن الوصول إليها أم لا وجهان صريح العلامة في التذكرة وثاني المحققين في صد الجواز بل ذكر الأستاذ العلامة انه لا اشكال فيه عند الأصحاب فإنهم وإن لم يعنونوا المسألة بأجمعهم الا انه يفهم من مذاقهم عدم الفرق بين العين والدين ويدل عليه بعض الروايات المتقدمة أيضا مثل خبر علي بن سلمان.
ثم على تقدير الجواز فهل هو من باب بدل الحيلولة والعوض عن السلطنة الفعلية الفائتة أو عوض عن العين التي قدر العجز عن الوصول إليها وجهان أوجههما بالنظر إلى الرواية هو الثاني وليس فيه الا ما قيل عليه من لزوم تحقق المعاوضة وخروج المال عن ملك مالكه بعنوان البدلية مع عدم رضائه بل ولا اطلاعه به وهو غير معهود في باب المعاوضات وهو ليس بشئ لان بعد دلالة الرواية على جواز اخذه عوضا وبدلا عن العين يدل على حصول ولاية للمقاص كما في التقاص عن الدين ببيع المال والمقاصة من ثمنه فتأمل ثم إن الثمرة بين الوجهين مما لا يكاد ان يخفى على المتأمل.
قوله من ادعى مالا يد لاحد عليه قضى له آه أقول قد صرح بعض الأصحاب بان الحكم غير مختص بالعنوان المذكور بل كل من ادعى شيئا لا معارض له فدعواه مسموعة سواء كانت دعوى مالية مال أو وكالة من شخص في أمر أو طلاق أو وصاية وأمثالها فيكون تعبير المصنف من باب ذكر أحد افراد المسألة الكلية من حيث كون اليد من المعارض في الجملة وإن لم ينحصر فيها هذا ولكن في محكي القواعد جمع بين القيدين فقال من ادعى ما لا يد لاحد عليه ولا منازع له فيه قضى له ولعلنا نشير إلى وجهه ثم بالحري قبل التعرض لتحقيق الحق في المقام ان نذكر أمورا بها يحرر محل الكلام ويكشف القناع عن وجه المرام.