اطراد الحكم في كل مورد تعذر فيه الحلف على البت سواء علمنا أنه فعل الغير أن شككنا فيه أو علمنا أنه فعل النفس غاية الأمر انه خرج القسم الأخير بالاجماع فيبقى الباقي فيلحق صورة الشك بملاحظة عموم التعليل بصورة ما إذا علم برجوع الدعوى إلى فعل الغير فيصير الأصل في كل متعذر كفاية اليمين على نفي العلم وبهذا يخرج عن مقتضى الأصل الأولي المستفاد من العمومات الأولية.
قلت الرجوع إلى عموم التعليل في صورة الشك في رجوع الدعوى إلى فعل النفس أو إلى فعل الغير فاسد جدا لا من جهة عدم عموم له بل من جهة وهنه باعراض الأصحاب عنه طردا وعكسا وأما تمسكنا به في ما إذا علم رجوع الدعوى إلى فعل الغير ورفع اليد عما اقتضاه العمومات المحكمة المتقنة فإنما هو من جهة اعتضاده بأخذ المشهور وقوته بالعمل وإلا فهو في نفسه مع قطع النظر عن أخذ الأصحاب لا يكون قابلا لصرف العمومات.
والحاصل ان التعليل موهون طردا وعكسا بعدم أخذ الأصحاب بعد واعراضهم عنه ولهذا يوجبون في الدعوى على فعل النفس اليمين على البت وإن كان المنكر غير قادر عليه ولا يوجبون الحلف على البت في الدعوى على فعل الغير وإن كان المنكر عالما به كما يعلم من الرجوع إلى كلماتهم فإذا صار التعليل موهونا فلا يجوز الاخذ به إلا فيما إذا تيقنا برجوع الدعوى إلى فعل الغير وأما في صورة الشك فيرجع فيها إلى العمومات الأولية المقتضية لاشتراط البت في اليمين بقول مطلق فراجع وتأمل حتى لا يختلط عليك الحال.
الثامن انه هل يكفي اليمين على نفي العلم في الدعوى على فعل الغير إذا كان المنكر مجيبا بالنفي واقعا عالما به كما أجاب بنفي العلم أو لا يكتفى منه بذلك بل وظيفته حينئذ اليمين على البت وجهان ظاهر الأصحاب بل صريح جماعة منهم الشيخ والعلامة والشهيدان والمحققان قدس الله أرواحهم هو الأول حسبما عرفت من أن الوظيفة عندهم في اليمين على نفي فعل الغير هي اليمين على نفي العلم من جهة تعذر الحلف على البت فيه نوعا فقد جعل الشارع في الدعوى على فعل الغير اليمين الفاصلة هي اليمين على نفي العلم توسعا على المدعى عليه وظاهر بعض مشايخنا بل صريحه هو الثاني حيث حمل كلامهم في اليمين على نفي العلم في الدعوى على فعل الغير على الصورة الغالبة وهي ما إذا أجاب المنكر بلا أعلم وأما إذا أجاب بالنفي عن علم فيجب عليه اليمين على البت و كلامهم منصرف إلى غيره كما أنه حمل كلامهم في اشتراط البت في اليمين على فعل النفس على الصورة الغالبة وحكم بكفاية اليمين على نفي العلم في الدعوى على فعل النفس في غير هذه الصورة فقد جعل لزوم التعذر الشخصي طردا وعكسا علة في الحكم باشتراط البت في اليمين أو كفاية اليمين على نفي العلم هذا ولكنك قد عرفت سابقا فساد الحملين بما لا مزيد عليه وان الحمل المذكور في المقامين مخالف لظاهر الاخبار وكلمات أصحابنا الأخيار إذ التعذر في النص والفتوى إنما هو حكمة للحكم لا علة فيه حتى يدور مداره فإن أبيت إلا عن ظهور كلماتهم في كون التعذر علة.
فنقول ان المستفاد منها هو كون التعذر بحسب النوع علة للحكم فلا يلزم منه دوران الحكم مداره وجودا أو عدما وهذا أمر ظاهر قد نبهنا عليه سابقا فراجع.
التاسع ان ما ذكرنا كله في حكم الأصل من أنه يجوز الحلف استنادا إليه في الحكم التكليفي مطلقا وفي الحكم الوضعي في الدعوى على فعل الغير وأما في فعل النفس فلا بل يشترط فيه اليمين على البت جار بعينه في غير الأصل من الأمارات الشرعية كاليد وغيرها من الأمارات الشرعية فإن كانت الدعوى على فعل النفس فلا يجوز