معلوم لكل متتبع في الأخبار الواردة عنهم وأما عدم حكمه بعلمه في حق من يظهر الاسلام ويبطن الكفر في الأحكام المذكورة وغيرها مثل عدم حكمه بنجاستهم وبعدم معاشرتهم فمسلم لكن لا دلالة فيه على عدم جواز الحكم فيما نحن بصدده أما أولا فلاحتمال أن يكون الموضوع فيها في صدر الاسلام هو مجرد إظهار الاسلام وإن علم كونه مخالفا للاعتقاد لا الاظهار المعلوم موافقته للباطن أو المحتمل كما في المتأخر عنه وهذان الجوابان يظهران من كلام السيد أيضا فيما ذكره في الجواب عن المستدل وأما ثانيا فلاحتمال كون عدم حكمه بعلمه في الموارد المذكورة وأشباهها مما ثبت فيها عدم حكمه بعلمه فيها لأجل مراعاة مصلحة عامة غالبة على مصلحة الواقع فيرتفع الحكم الواقعي فعلا من حيث مزاحمة مصلحته بما هي أقوى منها فلانا لا ندعي استحالة عدم الحكم بالعلم بأن يرفع اليد عن الواقع لكن في نسبة (تسمية خ) هذا العلم بالحكم من حيث ملاحظته شأنا لا فعلا ولا يكاد يخفى عليك الفرق بين هذا وسابقه لان ذلك مبني على عدم الحكم في الواقع لان الموضوع فيه بحسب الواقع هو إظهار الاسلام وإن تجرد عن الاعتقاد بالجنان وهذا مبني على وجوده بحسب الواقع لكنه ارتفعت فعليته لمصلحة من المصالح العامة الغالبة على مصلحة الواقع والفرق بينهما بين غايته وواضح نهايته.
وبهذا الذي ذكرنا هنا تعرف النظر فيما استدل به جماعة على اسلام العامة العمياء خذلهم الله منهم المحقق قدس سره على ما حكى عنه الأستاذ العلامة دام ظله العالي من أنا نعلم بمعاشرة الأئمة (عليهم السلام) معهم وعدم حكمهم بنجاستهم فيعلم من ذلك بعدم كفرهم فإن عدم حكم الأئمة بنجاستهم لا يدل على عدم كفرهم لاحتمال كفرهم بحسب الواقع لكنهم لم يحكموا بنجاستهم لمصلحة من المصالح العامة كيف وإنا نعلم بمعاشرتهم (عليهم السلام) مع الصابئين مع الاتفاق على كفرهم حتى ممن لا يرى كفر العامة فلا بد من الجواب بما ذكرنا ثم لا يخفى عليك ان هذا الدليل الذي ذكره المستدل لعدم الجواز أخص من المدعى حيث إنه لا يمنع من عمل الامام بعلمه فيما لو كان حاصلا من الأسباب المتعارفة إلا أن يتمسك بالاجماع على عدم الفرق هذا مجمل القول في قضاء الإمام (عليه السلام) بعلمه.
قوله وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس قطعا وفي حقوق الله على قولين أصحهما القضاء الخ أقول تحقيق القول في هذا الفرع يعلم مما ذكرنا في الفرع السابق جوازا ومنعا لكن نزيد ها هنا توضيحا وتنقيحا ونقول إنه بعد ما ثبت أحكام مختلفة للموضوعات الواقعية بالخطابات التفصيلية قد خوطب بها الحكام على ما هو - المفروض كقوله تعالى السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله تعالى الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة إلى غير ذلك وفرض علمهم بتحقق تلك الموضوعات على ما هو المفروض يجب عليهم ترتيب آثار تلك الموضوعات وإلا لم يكن الآثار آثارا لتلك الموضوعات هذا خلف وأما قيام البينة مثلا على عدم كون من علم بكونه شارب الخمر شاربا للخمر فلا يوجب خروجه عن ذلك الوصف العنواني لان البينة لا تأثير لها في الموضوعات الواقعية غاية الأمر وجوب ترتيب آثار الواقع عليها ما لم يعلم خطئها أو كذبها كساير الطرق الشرعية المقررة في الموضوعات والمجعولة في الاحكام لان غير العلم لا يعقل أن يجعل في مقابل العلم بالخلاف وهذا محصل ما ذكرنا في بيان الأصل في الفرع السابق هذا مضافا إلى انعقاد الاجماع على الجواز في المقام أيضا على ما نقل عن جماعة المعتضد بما ذكرنا من الشهرة المحققة وهو الحجة في المسألة وإلى ما ذكره جماعة من استلزام عدم القضاء فيه فسق الحاكم أو ايقاف (انقلاب خ) الحكم وهما معا باطلان وذلك لأنه إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا مثلا ثم جحد كان القول قوله مع يمينه فإن حكم بغير علمه وهو استحلافه وتسليمها إليه لزم الأول وإلا لزم الثاني لا لموجب يوجبه واستلزامه أيضا عدم وجوب انكار المنكر وعدم وجوب إظهار الحق مع امكانه وهو أيضا باطل فتعين العمل بعلمه أما لزومه فواضح وأما بطلانه فأوضح هذه خلاصة ما قالوا أو يقال في المقام وعليك بالتأمل التام فلا تغتر بكلمات بعض الاعلام فإن الحق