بالنسبة إلى من أقر له بل لا خلاف فيه عند أهل العلم والوجه فيه مما لا يكاد يخفى عن جاهل فضلا عن عالم فإن كان للمدعي بينة على ملكية ما يدعيه جامعة للشرايط المعتبرة فيها وأقامها وحكم الحاكم بمقتضاها وأخذه فلا كلام له على المقر سواء كان المقر له حاضرا أو غايبا ممن يمتنع مخاصمته وممن يجوز على إشكال في الثاني من الأول والأول من الثاني من حيث عدم استقرار الثابت بالبينة فيهما وتزلزله وقد مضى شطر من الكلام في ذلك في طي كلماتنا السابقة فراجع إليها وإن لم يكن الامر كما ذكر فلا إشكال في أن له الخصومة مع المقر بدعوى اتلاف ماله عليه بالاقرار فإن كان له بينة فيحكم بتغريمه من دون تأمل فيه وإن لم يكن له بينة فإن قلنا بأن المقر يلزم بالاقرار ثانيا لغير من أقر له أولا حسب ما عليه المشهور فلا إشكال أيضا في سماع دعواه الاتلاف على المقر إذ لعله يقر له ثانيا بناء على ما عليه الأكثرون من أيجاب احتمال الاقرار لسماع الدعوى وإن قلنا بأنه لا يلزم بالاقرار ثانيا حسب ما عليه الشيخ رحمه الله في أحد قوليه يبنى السماع وعدمه على ما في المسالك على كون اليمين المردودة بعد النكول من المدعي عليه هل هو كالاقرار أو كالبينة فعلى الأول يحكم بعدم السماع وعلى الثاني يحكم بالسماع حيث قال وحيث ينصرف الخصومة عنه وطلب المدعي احلافه انه لا يعلم أن العين له ففي اجابته قولان مبنيان على أنه لو أقر له بعدما أقر لغيره هل يغرم القيمة له أم لا فيه قولان مذكوران في محله فإن قلنا نعم وهو الأظهر فله احلافه فلعله يقر فله القيمة وإن قلنا لا وهو أحد قولي الشيخ رحمه الله فإن قلنا إن النكول ورد اليمين كالاقرار لم يحلفه لأنه وإن أقر أو نكل وحلف المدعي لا يستفيد شيئا وإن قلنا كالبينة فله التحليف لأنه قد ينكل فيحلف المدعي فإذا حلف وكانت العين تالفة أخذ القيمة وحيث قلنا بوجوب القيمة فأخذها باقرار المدعى عليه ثانيا أو يمين المدعي بعد نكوله ثم سلمت له العين بالبينة أو بيمينه بعد نكول المقر له فعليه رد القيمة لأنه إنما أخذ القيمة للحيلولة وقد زالت انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وأورد عليه بعض مشايخنا بعد نقله بما هذا لفظه وفيه بعد الإغماض عما في تقييده بتلف العين ان غاية ذلك كون اليمين المردودة كالبينة على اقراره مع علمه بكونه للمدعي والفرض عدم اقتضاء ذلك العزم لو أقر به هو وليس هو بينة على كون المال له ضرورة كون الدعوى علمه بالمال (بالحال خ) فهي تكون كالبينة على ذلك ولا تزيد على الاقرار المفروض عدم العزم به كما هو واضح ولذا حكى عن الشيخ رحمه الله اطلاق عدم توجه اليمين على التقدير المزبور فتأمل انتهى كلامه رفع مقامه.
والحق عدم ورود شئ مما ذكره من الايرادين أما الأول فبأن مقصود الشهيد من تلف العين إنما هو التلف بالاقرار الذي يوجب ضمان الحيلولة على ما صرح به في كلامه.
وبالجملة من نظر إلى ما في المسالك يقطع بعدم ورود هذا الايراد عليه فإن كلامه صريح في فرض بقاء العين وإن المراد من التلف هو التلف بالاقرار الحائل بين المالك وماله وأما الثاني فبأنا قد حققنا فيما مضى من كلماتنا قبالا لشيخنا المتقدم ان اليمين المردودة حتى فيما لا يستحق المدعي على المدعى عليه إلا الحلف على عدم العلم إنما هي على الواقع لا علم المدعى عليه به لان اليمين بالنسبة إلى المدعي يمين على فعل النفس فلا معنى لكونه على العلم فيكون بناء على القول بكونها كالبينة كالبينة على الواقع لا على العلم وذكرنا ثمة أيضا فساد ما توهمه شيخنا المذكور من كون اليمين المردودة هي يمين المدعى عليه ردت على المدعي بمقتضى دعواه فلما كانت دعواه علم المدعى عليه بالحال فلا بد من أن يكون يمينه على علمه به.
توضيح الفساد ان كونها يمينا مردودة لا يقتضي كونها على العلم لان المراد من اليمين المردودة