في العموم سيما إذا كان مستند العموم من جهة التعليل فإنه بيان بالنسبة إلى المطلق فظهوره حاكم بل وارد عليه فتأمل وهذا نظير ما ذكرنا في تعارض تعليل آية النبأ مع مفهومها في تصديق خبر العادل المجرد عن القرينة في دفع توهم من حكم بتقديم جانب المفهوم على ظهور التعليل بكون النسبة عموما مطلقا من أن النسبة وإن كانت عموما مطلقا إلا أنا نمنع ظهور القضية الشرطية في المفهوم فيما إذا كان العموم المستفاد من التعليل على خلافه.
والحاصل ان الحكم بتقديم الخاص على العام ليس منوطا بالخصوص والعموم من حيث هما بل تابع للأظهرية وقد عرفت أن ظهور العلة المنصوصة في العموم أقوى من ظهور الخبرين في عدم الاحتياج إلى اليمين وثالثا سلمنا تسويتهما في الظهور وعدم كون العموم المستفاد من العلة أقوى لكن نقول إنه يتعين حينئذ الرجوع إلى المرجحات السندية وغيرها ومعلوم ان الرواية المشتملة على التعليل المذكور أرجح من حيث مطابقتها لعمل المعظم وضعف ما دل على خلافها بالارسال فتأمل (1).
قوله ويدفع الحاكم من مال الغائب قدر الحق الخ أقول هذا الحكم أي دفع الحاكم قدر الحق من مال الغائب إلى المدعي بعد يمينه مما لا إشكال فيه بل لا خلاف فيه في الجملة على ما اطلعت عليه من كلماتهم إلا مما حكى عن المحقق الأردبيلي من مناقشته إنما الكلام في المسألة في مقامين أحدهما في جواز الدفع قبل تكفيل القابض ثانيهما في أنه على القول باشتراط التكفيل في الغائب هل هذا الحكم مختص بما إذا كان المدعي صاحب الحق والمدعى عليه غائبا أو يتعدى عنهما إلى من يكون في حكمهما كالوكيل والوصي والوارث وغيرهم ممن يكون في حكم صاحب المال والصبي والمجنون وغيرهما ممن يكون في حكم الغائب فالكلام في المقام الثاني أيضا يقع في مقامين.
أما الكلام في المقام الأول وهو جواز الدفع قبل تكفيل القابض وعدمه فنقول ان الحق فيه عدم الجواز واشتراط الدفع بالتكفيل لما قد عرفت من الروايتين الظاهرتين في المدعى غاية الظهور المجبور ضعف سندهما إن كان بالعمل فيجمع بينهما وبين ما دل على لزوم اليمين كالرواية المعللة المتقدمة ولا نطيل بالإعادة هذا وذكر صاحب مسالك الأفهام ان من قال بلزوم اليمين لم يقل بلزوم التكفيل وبالعكس فيكون أحدهما بدلا عن الآخر حيث قال ما هذا لفظه وإنما اعتبر المصنف التكفيل لأنه لم يوجب عليه اليمين مع البينة فجعل الكفيل عوضا عنها لاحتمال براءة الغائب عن الحق على وجه لا يعلمه البينة ومن أوجب عليه اليمين لم يعتبر التكفيل إلا على تقدير تعذرها كما لو كان المدعى على الغائب وكيل المستحق فإنه لا يجوز احلافه فيستظهر بالكفيل ولا شك في أن الكفالة واليمين احتياط واستظهار إلا أن ثبوتهما يحتاج إلى دليل انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وأنت خبير بما فيه أما أولا فلان قوله ومن أوجب عليه اليمين لم يعتبر الكفيل مخالف لما نشاهد من جماعة من الأصحاب من ايجابهم اليمين مع التزامهم باعتبار الكفيل منهم العلامة في القواعد على ما حكي عنه وأما ثانيا فلان قوله ولا شك الخ لا دليل عليه أصلا إذ من المحتمل بل الظاهر أن يكون اعتبار الكفيل من جهة خوف تعذر استيفاء الحق بموت المدعي أو فقره على ما ترشد إليه الرواية الثانية من قوله إلا إذا كان مليا وأما ثالثا