الصادق (عليه السلام) في صحيحة ابن سالم ان الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض ابدا والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل فمما لا دلالة له على الأصل المذكور ابدا حسبما عرفت تفصيل القول فيه.
فتلخص مما ذكرنا أن الأصل الأولى في المقام هو ما يستفاد من كلام جمع من الاعلام من البناء على عدم القابلية حتى يعلم بها وعدم جواز التمسك بالعمومات الواردة في باب الوكالة للشك في موضوعها ومن هنا يعرف النظر فيما ذكره جماعة في باب الصلح من أنه إذا شك في كون شئ حكما أو حقا الأصل جواز صلحه للعمومات توضيح النظر ان الشك المذكور مستلزم للشك في موضوع الصلح لكون الحق مأخوذا في موضوعه كما لا يخفى فلا يعقل احرازه بالعمومات الدالة على صحة الصلح حسب ما عرفت من عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية الا ان يقال إن قوله عليه السلام ان الصلح جايز بين المسلمين ناظر إلى اثبات جريان الصلح في كل شئ غاية الأمر انه خرج منه ما علم بكونه حكما فالأصل بقائه على عمومه في مشكوك الحكم والحق هذا مثل ما ذكرنا في قوله أكرم العلماء ولا تكرم فساقهم فيما شك في فرد من العلماء انه فاسق أو عادل لكن فيه نظر من وجوه تعلم بالتأمل في النبوي فتأمل هذا فقد تحقق مما ذكرنا في المقامات الثلاثة ان الحق ما ذهب إليه المعظم من عدم جواز حكومة المقلد هذا كله فيما إذا كان الترافع والتحاكم إلى المجتهد ممكنا.
واما إذا لم يمكن الترافع إليه فهل يجوز القضاء للمقلد أم لا وبعبارة أخرى ان الذي ذكرنا كله في حال الاختيار واما في حال الاضطرار فهل يحكم بجواز القضاء للمقلد أم لا يحكم بجوازه له كما في حالة - الاختيار ومرجع الكلام فيه إلى أن الاجتهاد هل هو شرط اختياري حتى يحكم باسقاطه في صورة الاضطرار كما في الطهارة الخبثية بالنسبة إلى الصلاة أو شرط مطلقا حتى يحكم باسقاط المشروط في حال الاضطرار وعدم امكان تحصيل الشرط كما في الطهارة الحدثية بالنسبة إليها حسبما عليه المشهور بل المدعى عليه الاجماع من عدم وجوب الصلاة على فاقد الطهورين ظاهر جماعة منهم ثاني الشهيدين في مسالك الأفهام عدم الفرق بين الحالتين وكون الاجتهاد شرطا مطلقا بل قد يستفاد من كلامه دعوى الاجماع على ذلك لكن التحقيق ان يقال إن ترافع المترافعين إما ان يكون في الشبهات الموضوعية كملكية الدار المعينة مثلا أو يكون في الشبهات الحكمية كثبوت حق الشفعة في الأكثر (لأكثر خ) من الشريكين مثلا وعلى كل من التقديرين إما يكون الرجوع في نصب المقلد إلى المجتهد ممكنا أو لا يمكن ذلك وفي حكم صورة عدم امكان النصب عدم وجود مجتهد أصلا.
فإن كان في الشبهات الموضوعية مع امكان نصب المجتهد للمقلد فالحق جواز حكمه بعد نصب المجتهد إياه ولا يجوز نصب الناس له في تلك الصورة للقضاء من دون ان يرجعوا في ذلك إلى المجتهد فلنا في المقام دعويان إحديهما جواز قضاء المقلد في تلك الصورة ثانيتهما عدم جواز نصب الناس له للقضاء اي عدم جواز رجوعهم إليه الا بعد نصب المجتهد له للقضاء بينهم.
لنا على أوليهما انه لولا ذلك للزم الالتزام بأمور (بأحد أمور خ) كلها باطلة بالأدلة الثلاثة بل الأربعة أحدها ان يقال بلزوم اتفاق الناس على منعهما عن المخاصمة فيلزم ابطال الحقوق وهو باطل ثانيها ان يقال بلزوم بقائهما على المخاصمة حتى يقبل أحدهما فيلزم اختلال النظام وهو باطل ثالثها ان يقال بلزوم الرجوع إلى الطاغوت وأهل الظلم وحكام العرف حتى يحكموا بينهم وهو أيضا باطل رابعها ان يقال بلزوم رفع الامر إلى الحاكم الشرعي البعيد المتعسر الوصول إليه للمترافعين فيلزم العسر الشديد والحرج الأكيد لعدم فصل الامر بذهابهما إليه أيضا