ان تفسير القدماء الخبر الصحيح بما يركن إليه النفس وتثق به وتفسير المتأخرين له بما كان جميع سلسلة رواته عادلا إماميا إنما هو اختلاف في الاصطلاح وليس كذلك بل المتأخرون أيضا قد تسالموا مع القدماء في كون الخبر الصحيح بمعنى ما يركن إلى النفس لكنهم يقولون إن ركون النفس لا يحصل إلا بما كان بهذه الصفة ففيما نحن فيه من يقول بأنها أخبار خمسة وما فوقها مثلا يقول إن المعنى اللغوي لا يحصل إلا بذلك ومن يقول إنها أخبار ثلاثة وما فوقها يدعى أنه يحصل بذلك إلى غير ذلك ولهذا ترى بعضهم عبر عنها بالشياع الذي هو معناها اللغوي فافهم وتأمل هذا تمام الكلام في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول انه لا يخلو إما أن يكون المعتبر منها ما كان مفيدا للعلم أو الظن المتاخم له أو مطلق الظن فإن كان مرادهم منها هو الأول فلا إشكال في اعتبارها في المقام من غير احتياج إلى دليل من حيث كون العلم في المقام طريقا إلى ثبوت الولاية غير مأخوذ في موضوعها حتى يحتمل اختصاصها ببعض الأسباب كما يحتمل ذلك فيما يكون مستندا للشاهد أو القاضي فإنه يمكن أن يقال هناك من حيث كون العلم فيه موضوعا ان اعتبار العلم الحاصل من الاستفاضة يحتاج إلى دليل حسبما سيأتي تفصيل القول فيه.
لكن المظنون بل المقطوع عدم كون مرادهم منها في المقام ولا غير هو الأول وإلا لما اختصوها بما ذكروه من الأشياء الخاصة من النسب والولادة والوقف والملك المطلق وأمثالها وأما ما يقال في وجه الاختصاص انه من جهة غلبة تحقق الاستفاضة في هذه الأمور وكون تحققها في غيرها قليلا فليس بالحري أن يصغى إليه سيما في تقييد الملك بالمطلق فإنه مضر بالمقصود بعدما كان ثبوت كل ملك بها سواء كان بالبيع أو الهبة أو الصلح أو غيرها وما يقال إن التقييد في المقام نظير التقييد في قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم وارد مورد الغالب وقد تقرر في الأصول ان القيد إذا ورد مورد الغالب لا مفهوم له فاسد جدا فإنه فيما إذا كان المقيد غالب وجوده مع القيد وليس الامر في المقام كذلك فإنه ليس أغلب أفراد الملك هو المطلق بل أغلب أفراده يحصل بالأسباب الخاصة بل قد يقال بل قيل إنه لا وجود للملك المطلق وإنما المسلم في المقام غلبة وجود الاستفاضة في الملك المطلق وأين هذا مما ذكروه في هذا المقام.
والحاصل حصول القطع لنا بعدم كون مرادهم منها هي ما يفيد القطع مع قلة وجوده وأما ما نسبه ثاني الشهيدين قدس سرهما في المسالك إلى المحقق في المتن وتبعه جمع ممن تأخر عنه من أن المعتبر من الاستفاضة عنده هي ما يفيد العلم فليس بصحيح لان عبارته كما لا يخفى على من تأمل فيها هنيئة لا دلالة لها على ذلك أصلا وإنما استفاد قدس سره ما نسب إليه على ما صرح به من قول الماتن بعد ذلك فلا يجب على أهل الولاية قبول دعواه مع عدم البينة وإن شهدت له الامارات ما لم يحصل اليقين فإنه يخيل ان مراده من الامارات ما يعم الاستفاضة وفساده غني عن البيان كما لا يخفى على ذوي الأذهان فإن مراده من الامارات غير الاستفاضة بل ذكره الاستفاضة سابقا مستقلا وتخصيصها بالأشياء المذكورة أقوى شاهد على كون الاستفاضة عنده مثل البينة من الطرق الشرعية لاثبات الولاية فكان المراد من العبارة مع عدم البينة والاستفاضة كما شرحها كذلك بعض مشايخنا قدس سره.
وأما الثالث فليس مرادهم أيضا قطعا كما لا يخفى على من تأمل في كلماتهم إلا فيما ينسب إلى الشيخ في بعض كتبه على أنه لا دليل على اعتبارها على هذا الفرض قطعا سيما مع ملاحظة كونها ظنا في الموضوعات الصرفة لم يقم برهان على اعتبار الظن فيها وإن قيل بأصالة حجية الظن في الاحكام.
فتعين أن يكون مرادهم منها هو الثاني على ما صرح به جمع منهم فنقول استدلوا على اعتبارها بهذا الوجه