حيضا في الواقع ابدا وبعد اخبار الشارع يعلمون بخطئهم في هذا الاعتقاد وانه كان جهلا مركبا وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنه لا واقعية لمعنى المدعى عرفا الا ما يطلق عليه العرف انه المدعى ولا واقعية لاعتبار الظهور المعتبر عندهم الا بنائهم على اعتباره فأين هذا من حديث العلم بالخطأ وكشف الخطأ وان أراد منه انه وإن كان يطلق عرفا على من كان قوله مخالفا للظاهر الغير المعتبر شرعا انه مدع بعد اطلاع أهل العرف على عدم الاعتبار الشرعي ولكن المتبع ليس اطلاقهم فهذا خروج عن فرض تعلق الحكم بالموضوع العرفي.
واما الاستدلال على ما صار إليه بقوله لأنه جاحد ففيه انا نلتزم بصدق الجحود في كل مورد صدق المنكر عرفا ولو كان على خلافه أصل معتبر شرعا مع أنه لا فرق عند التحقيق بين الظاهر المعتبر وغيره في هذا المعنى وما ذكره في بيان الفرق لا يصلح فارقا فتأمل هذا مضافا إلى انتقاض ما ذكره أيضا بمدع الاعسار فان قوله مخالف للأصل لو كان مسبوقا باليسار مع أنه لا يترك لو ترك كما لا يخفى ومن هنا جعله بعض المحققين من موارد افتراق التعريف الأول والرابع فتأمل.
فتبين مما ذكرنا كله ان الحق ما ذكره جماعة ممن سبقنا من الأساطين من أن المرجع هو العرف فكل من أطلقوا عليه المدعي يحكم عليه بما هو وظيفته شرعا سواء كان قوله موافقا للأصل والظاهر أو مخالفا لهما أو موافقا لأحدهما مخالفا للاخر على ما هو الشأن في سائر الألفاظ الواردة في كلام الشارع وإن كان ما ذكره الأستاذ العلامة في بيان الضابطة لتشخيص الصغريات العرفية مورد تخلفه في كلام القلة والله العالم.
قوله ويشترط فيه البلوغ والعقل وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه الخ أقول المراد من الادعاء للنفس هو عود فايدة الدعوى إلى نفسه وإن كان من جهة تعلق حق بالمدعى به للمدعي فيشمل دعوى - الغرماء للميت أو الوارث له بناء على القول بعدم انتقال التركة مع تعلق الدين بها إليهم وكذا يشمل دعوى المرتهن ونحوه وإن كانت في هذه الموارد مثبتة لمال الغير.
ومنه يظهر اندفاع ما أورد على المصنف من خروج كثير ممن تسمع دعواهم عن العبارة ولا يحتاج في ادخاله إلى ارتكاب تجشم جعل الولاية أعم ليشملها.
قوله ولا بد من كون الدعوى صحيحة لازمة فلو ادعى هبة لم تسمع حتى يدعى الاقباض الخ أقول الوجه في اشتراط اللزوم في الدعوى ظاهر كما أن الوجه في اشتراط الصحة أظهر لأنه لولا اللزوم لم تتوجه إلى من يريد الدعوى معه فاشتراطه من جهة توقف تحقق مفهوم الدعوى عليه فلا تسمع دعوى شخص على شخص انه قد باعني ملك فلان فضولا وقبلت لأنه لا دعوى له عليه أصلا وكذا لا تسمع دعوى الهبة والرهن والوقف بدون ادعاء القبض بناء على كونه شرطا في الصحة لما ذكر من الوجه من عدم توجه الدعاوى المزبورة على أحد هذا.
وقد يقال بعدم الاحتياج إلى ادعاء القبض في سماع دعوى هذه الأمور من وجوه لا تنافي اشتراط اللزوم في الدعوى أصلا بل تقتضي وجود الشرط بدون ذكر القيد.
أحدها ان اطلاقها ينصرف إلى الصحيح فلا يحتاج إلى ذكر ما يعتبر في صحتها فدعوى الهبة المطلقة كدعوى الهبة الصحيحة وفيه أن دعوى الهبة الصحيحة أيضا لا تنفع ما لم يدع الاقباض لان صحة الهبة في نفسها لا تقتضي تحقق الاقباض كما سيأتي الكلام فيه ومنه يظهر ما ذكره المحقق الأردبيلي من سماع دعوى الهبة الصحيحة.