باقي الحجج ففيه ان هذا الظهور على فرض تسليمه ظهور بدوي قد نشأ من انس الذهن من جهة كثرة الدوران وإلا فعند التأمل يعلم أن المتبادر منها ما ذكرنا من المعنى الأعم فعلم من ذلك كله ان البينة تشمل الشاهد واليمين أيضا هذا مضافا إلى دلالة ما دل على حصر القضاء في البينة واليمين فإنه يدل على عدم صحة سلب البينة من الشاهد واليمين وصحة اطلاقها عليهما وإلا لزم عدم صحة الحصر والمفروض ثبوته.
هذا ملخص ما ذكره الأستاذ وللتأمل فيه خصوصا في الاستدلال بالاخبار الحاصرة مجال لان غاية ما يستفاد منها عدم خروجهما من البينة واليمين وأما دخولهما تحت الأولى لا الثانية فلا بل قد يقال بأولوية دخولهما تحت الثانية فتأمل هذا مجمل القول في اثبات صدق البينة على الشاهد واليمين وأما الكلام في عدم مقاومتهما للشاهدين بعد البناء على دخولهما في البينة وصدقها عليهما فملخصه انه قد استدل عليه بوجوه أحدها ما ذكره في المسالك من أن الشاهد لا يستقل بالحجية واليمين معه وإن أوجب ثبوت المال إلا أنه حجة ضعيفة ومن ثمة اختلف في ثبوته بهما ثانيها ما ذكر فيه أيضا من أن الذي يحلف مع الشاهد يصدق نفسه والذي يقيم شاهدين يصدقه غيره فهو أقوى جانبا وأبعد عن التهمة هذا.
وأنت خبير بضعف كلا الوجهين أما الأول فلانه إن أريد من الضعف في الحجية ان حجيتهما موقوفة على عدم قيام حجة على خلافهما لضعفهما في مرتبة الحجية ففيه المنع من ثبوت ذلك سيما بعدما عرفت من صدق البينة عليهما فما دل على اعتبار الشاهدين فهو بعينه يدل على اعتبارهما فلا يعقل الحكم بتفاوت افراده في مرتبة الحجية وإن أريد من الضعف في الحجية عدم اعتبارهما في جميع الموارد بل في حقوق الناس في الجملة بخلاف الشاهدين فإنهما معتبران في أكثر الموارد ففيه ان عدم اعتبارهما في جميع الموارد لا يدل على تقدم الشاهدين عليهما في مورد اعتبارهما حسبما هو محل الكلام كيف ولو بنى على ذلك لجرى مثله في الشاهد والمرأتين أيضا ضرورة ضعفهما بالنسبة إلى البينة لاعتبارها فيما لا يعتبران من غير عكس حسبما يستفاد من الاخبار والحاصل ان الكبرى وهي ان كل قوي مقدم على كل ضعيف ولو بالمعنى المذكور غير مسلمة وأما وقوع الاختلاف فيه فإن أريد اختلاف العامة فهو إن لم يوجب قوته لان الرشد في خلافهم فلا يؤثر في ضعفه وإن أراد الاختلاف منا فغير موجود كما لا يخفى.
وأما الثاني فلانه ليس إلا مجرد اعتبار إذ بعد فرض قيام الدليل على اعتبار الشاهد واليمين سيما إذا كان ما دل على اعتبار البينة لا معنى للكلام المذكور إذ بعد اعتبار تصديق النفس يصير كتصديق الغير وأما مجرد الأقربية إلى التهمة والأبعدية عنها لا يوجب الحكم بتقديم الأقرب على الأبعد لعدم قيام دليل على تقدم كل بعد عن التهمة على أقرب إليها كما لا يخفى ولعمري ان مثل هذه الوجوه مما أوجب قدح الاخبارية في المجتهدين والطعن عليهم بأنهم يعتمدون على قواعد العامة.
ثالثها ما استدل به الأستاذ العلامة دام ظله من أن ما دل على الترجيح بالكثرة كقوله في جملة من الأخبار المتقدمة أقام كل منهما شهودا سواء في العدد يدل على ترجيح الشاهدين على الشاهد واليمين بناء على أن لا يكون المراد من الاستواء في العدد الاستواء في التعدد بل الاستواء في أصل العدد وإلا فلا ينفعنا إن لم يضرنا وأن لا يكون المراد من الشهود الجمع بل الجنس لا يقال لو بنى ما ذكر لزم ترجيح الشاهد والمرأتين على الشاهدين لان الأول أكثر عددا من الثاني لأنا نقول بعد تنزيل المرأتين منزلة الشاهد الواحد لا معنى لملاحظة تعددهما لا يقال لو كان مجرد التنزيل كافيا في الاستواء في العدد لقلنا بمثله في الشاهد و