وجه في التعرض لحكم اختلاف العقود في المقام مع أن بنائهم على تعرض حكم الاختلاف في العقد في كل عقد في بابه فيلزم التكرار عليهم في أحد المقامين.
وحاصل الدفع ان تعرضهم لحكم الاختلاف في العقد في بابه إنما هو من جهة تشخيص من هو قوله موافق للأصل وهذا بخلاف المقام فإن مقصودهم فيه التعرض لحكم صورة الاختلاف مع البينة.
إذا علمت ما قدمنا لك من الكلام في تحرير مورد البحث فاستمع لما يتلى عليك من تحقيق القول في المقام فنقول بعون الملك العلام ودلالة أهل الذكر عليهم ألف الصلاة والسلام انك قد عرفت أن الكلام يقع في مقامات ثلاثة.
أما المقام الأول وهو ما لو أقام كل من المتداعيين في العقد بينة على ما يدعيه فإن كانت لاحدى البينتين مزية على الأخرى بالمزايا المعتبرة التي تقدم تفصيل القول فيها فيؤخذ بالراجحة منهما ويطرح المرجوحة وإن تساويتا فيها فالذي يقتضيه الأصل الأولي بالنظر إلى أصل أدلة الموازين في المقام هو الحكم بان الميزان هو التحالف كما جزم به الشيخ رحمه الله في أحد قوليه ومال إليه بعض من تأخر عنه ولا مانع من إعمال قضية الأصل في المقام كما كان يمنع من إعمالها في التداعي في الاملاك حيث انا ذكرنا هناك ان إعمال أدلة اليمين فيه غير ممكن أما الأدلة الخاصة بإثبات اليمين في حق خصوص المنكر فظاهر لان المتداعيين في العين إذا لم يكن يدهما عليه وكانا خارجين لا يصدق عنوان المنكر عليهما.
وأما الأدلة العامة الحاصرة لميزان القضاء بالبينة واليمين فلما قد عرفت مفصلا ان الحكم بتوجه اليمين إنما هو فيما إذا ترتب عليها وعلى النكول عنها أثر والمفروض انه لا يترتب على حلفهما وعلى نكولهما أثر في المقام لعدم إمكان القضاء بهما فلا بد من القاء هذا الميزان والرجوع إلى غيره مما هو مترتب عليه كالقرعة.
وهذا بخلاف المقام فإن إعمال أدلة اليمين فيه بكلا قسميها ممكن إما الأدلة الخاصة فظاهر لان كلا من المتداعيين في المقام مدع ومنكر لان كلا منهما يدعي عقدا وينكر عقدا آخر هكذا ذكره الأستاذ العلامة وجماعة.
وأما الأدلة الحاصرة لميزان القضاء في البينات والايمان فلامكان القضاء بحلفهما ونكولهما في المقام بأن يحكم بعدم وقوع عقد كما يحكم به فيما إذا لم يكن لهما بينة أصلا كما سيجئ.
وهذا المعنى لم يكن معقولا في ذلك المقام لقضاء صريح العقل فيه بملاحظة أدلة اعتبار البينات و ما دل على وجوب مراعاة حق المؤمن الذي شرع لأجله القضاء بالتنصيف فيه بعد العجز عن إعمال البينة في التمام وهذا بخلاف المقام فإنه لا محذور للحكم بعدم وقوع عقد بينهما إذا حلفا أو نكلا كما حكموا به في صورة عدم البينة حيث إن ظاهرهم الاطباق على الحكم بالتفاسخ فيها عدا ما يظهر من الشيخ رحمه الله في ف من الرجوع إلى القرعة في الفرض أيضا.
فإن قلت كيف يحكم بعدم المانع من إعمال أدلة الحلف والنكول في المقام بأن يحكم بمقتضاها بالتفاسخ مع أنه مخالف للعلم الاجمالي بوقوع أحد العقدين وصيرورة المثمن ملكا للمشتري في مقابل أحد الثمنين أو الثمن ملكا للبايع في مقابل أحد المثمنين.
قلت مخالفة العلم الاجمالي في المقام للحاكم مما لا مانع عنها لأنه مأمور بالفصل بالموازين الشرعية فيما بين الخصوم وإن لزم منه مخالفة العلم الاجمالي وإن هو إلا كحكم المجتهد بجواز الصلاة لكل من واجدي