بل إنما هو تمليك تبعي نشأ من تمليك الدار وهذا بخلاف ما إذا كان الاختلاف في مال الإجارة حيث إن محله الذمة واشتغال الذمة بالزايد اشتغال مستقل غير الاشتغال بالأقل ومن هنا يمكن الفرق بينهما وفيه مضافا إلى انتقاضه بما إذا كان مال الإجارة أيضا من الأعيان ان ما ذكر من الفرق كلام صوري لا حقيقة له كما اعترف به الأستاذ العلامة.
وأما ما ذكره بعض المشايخ من منافاة التعليل للمدعى فقد أورد عليه شيخنا دام إفادته بأن ما ذكر وإن كان مستقيما بحسب ما يرى في بادي النظر من العبارة إلا أن مقتضى التأمل كون مقصوده الحكم بالقرعة في صورة وجود البينة كما فهمه صاحب المسالك على ما هو مقتضى صريح كلامه وعليه فلا وقع للايراد المذكور كما لا يخفى والقرينة على كون مراده هو هذه الصورة لا صورة عدم وجود البينة هي ان المصنف قد تبع الشيخ رحمه الله في المبسوط على ما يستفاد من ظاهر كلامه وقد صرح الشيخ رحمه الله في الكتاب حسب ما حكاه الأستاذ العلامة عنه بأن القرعة إنما هي في صورة وجود البينة لا مطلقا وكلام الفاضل في التحرير أيضا مفروض في الصورة.
قوله ولو أقام كل منهما بينة تحقق التعارض مع اتفاق التاريخ آه أقول إذا أقام كل منهما بينة و قلنا بتحقق التعارض بينهما من جهة كون كل منهما مدعيا على خلاف التحقيق الذي عرفته فإن كان مع إحديهما مزية من المزايا المعتبرة فهو وإلا فيبنى الحكم على القولين في المسألة من التحالف أو القرعة مع يمين من خرجت فاسمه فإن حلفا أو نكلا على الأول فيحكم بتنصيف مدلول البينتين فيرجع إلى المؤجر ربع الدار مع تمام مال الإجارة حسب ما هو قضية القاعدة في التقسيم في كل ما كان هناك بينتان متعارضان وعلى الثاني فإن حلف من خرج باسمه القرعة فهو وإلا فإن حلف صاحبه فلا إشكال أيضا وإلا فيحكم بالتقسيم بينهما حسب ما عرفت في الأول هذا كله إذا كان النزاع بينهما قبل التصرف في الدار واستيفاء المستأجر المنفعة وأما إذا كان بعد مضي المدة والتصرف من المستأجر فيرجع المؤجر إليه فيما حكمنا فيه بالتقسيم بأجرة المثل للربع من الدار هذا.
ولكن في المحكي عن كشف اللثام للفاضل الأصبهاني يحكم بالقرعة مع اليمين فإن نكلا فالظاهر أن البيت لما اتفقتا على اجارته فهو في اجارته إلى أن يمضي المدة ويقتسمان الباقي نصفين ويسقط من الأجرة بالنسبة وكذا مع الاختلاف بالزمان يقتسمان شهرا من الشهرين فيكون الدار عند المستأجر شهرا ونصفا ويسقط من الأجرة ربعها وإن كان الترافع أو رفعه بعد مضي المدة وتصرف المستأجر في تمام الدار وتمام الشهرين يثبت للمالك في نصف غبر البيت أو في نصف شهر أجرة المثل انتهى ما حكي عنه زاد الله في علو مقامه.
وفيه انظار أحدها ما عرفت من مطاوي كلماتنا السابقة من أنه لا معنى لسقوط الأجرة بالنسبة إلى ما يسترده المؤجر من الدار لان مقتضى التقسيم في الفرض هو تنصيف مدلول البينتين فيحكم باستيجار نصف البيت بنصف الأجرة بمقتضى بينة المؤجر التي شهدت بإجارة تمام البيت بتمام الأجرة ويحكم باستيجار نصف تمام الدار أيضا بنصف تمام الأجرة فيحكم للمؤجر بنصف الباقي من غير ما صدقنا فيه بينته وهو نصف البيت وتمام الأجرة هذا ولو بنى على الاخذ بما اتفقت عليه البينتان لم يكن الحكم ما ذكره أيضا لأنهما كما اتفقتا على إجارة الدار كذلك اتفقتا أيضا على الأجرة فيحكم بتنصيف ما اختلفتا فيه وهو الباقي من الدار فلا معنى لتسقيط الأجرة أيضا.
ثانيها ان مقتضى ما ذكرنا من التقسيم هو كون ربع البيت أيضا من المؤجر لا أن يكون تمامه من المستأجر حيث إن الذي يرد إلى المؤجر هو الجزء المشاع من الدار لا المعين ثالثها انه لا دليل على التقسيم بحسب الزمان حسب ما ذكره وقد مر الكلام فيه فيما تقدم من كلماتنا فراجع إليها هذا.