ذلك وعلمه لأنه من قبيل أحكام الوضع فلا دليل على نقض الحكم حينئذ وإن كان في الثاني فمقتضى الاستصحاب جواز البذل له قبل حلف المدعي في صورة الرد فتأمل من غير فرق في ذلك بين صورة النكول أو رده اليمين إلى المدعي أو الحاكم لما قد عرفت.
وقد يقال بان ذلك مقتض لاسقاط حقه من اليمين فالأصل عدم عوده وفيه ما لا يخفى هذا ولكن في الرياض ان المستفاد من عباير الجماعة عدا الماتن في النافع عدم الالتفات إلى اليمين المبذولة بعد النكول وقبل - الحكم وهذا كما ترى وفي كلام جماعة منهم الشهيد في المسالك الاستدلال على عدم الالتفات بعد النكول في الصورة بتحقق سبب الحكومة وحصول ميزانها المقرر شرعا عند القايل به نحو نكول المدعي عن اليمين المردودة.
وأنت خبير بأن مجرد تحقق ما يقتضي الحكم ما لم يلحقه الحكومة لا دليل على كونه رافعا للأصل المزبور فتأمل هذا إذا كان قبل حلف المدعي بعد الرد واما إذا كان بعده وقبل الحكم فمقتضى الأصل المزبور أيضا جواز البذل له وإن كان الامر فيه أصعب من الصورة السابقة سيما بعد ما إذا كان الرد من - المنكر فتأمل.
قوله فان قال نعم وسئل الانظار في اثباته أنظره ثلاثا الخ أقول هذا الحكم معروف بين الأصحاب مشهور عندهم بل لم أعرف فيه خلافا وبه رواية عن مولانا أمير المؤمنين وهي قوله لشريح واجعل لمن ادعى شهودا أمدا بينهما فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية لكن لم أجد دليلا على تعيين هذا الانظار وتحديده بما ذكروه من ثلاثة أيام فإن كان اجماعا فهو وإلا فللنظر فيه مجال ظاهر لان ما دل من لزوم الضرر وغيره حتى الرواية حسبما هو الظاهر منها عدم تقديره إلا بما يتمكن المدعى (المدعى خ) من وصوله إلى البينة وإقامتها سواء زاد عن الثلاثة أو نقص.
قوله ولا يستحلف المدعي مع البينة الخ أقول هذا الحكم في البينة القابلة لاثبات الحق حسبما هو قضية ظاهر كلماتهم مما لا إشكال فيه بل لا خلاف فيه عندنا بل لا يبعد دعوى الاجماع عليه كما أدعاه جماعة مضافا إلى ما عرفت من أن الأصل في المدعي أن لا يكلف باليمين خصوصا بعد قيام البينة الكاملة التامة للتفصيل القاطع للاشتراك وغيره في الحديث المشهور ومضافا إلى روايتين كل منهما كاف في اثبات المدعى إحديهما رواية محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يقيم البينة على حقه هل عليه أن يستحلف قال لا ثانيتهما رواية أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أقام الرجل البينة على حقه فليس عليه يمين ولا يعارضها ما ورد في الرواية - المتضمنة لوصية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لشريح ورد اليمين على المدعي مع بينته فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء لضعف سندها واعتضادهما بما قد عرفت فلا بد من طرحها أو حملها بما لا ينافيهما مثل ما لو ادعى المنكر الابراء أو الايفاء والتمس حلف المدعي فإنه يجب أجابته لرجوعه إلى دعوى أخرى وانقلاب المنكر مدعيا والمدعي منكرا هذا ولكن في القواعد ولو التمس المنكر بعد إقامة البينة عليه احلاف المدعي على الاستحقاق أجيب إليه ولو التمس المنكر يمين المدعي مع الشهادة لم يلزم اجابته انتهى كلامه.
وأنت خبير بوجود التنافي بين الكلامين بحسب ما يظهر منهما وقد ذكروا في وجه رفع التنافي بينهما أمرين أحدهما ما حكي عن جامع المقاصد وتبعه جماعة من أن المراد من الكلام الأول هو ما إذا ادعى المنكر الابراء أو الأداء أو غيرهما بحيث يرجع إلى دعوى جديدة من المنكر وهذا الوجه وإن كان بعيدا إلا أنه