نفوذه على المقر بل لا معنى لاقتضائه ذلك كما لا يخفى فالأولى أن نلتزم بعدم جريان تلك النصوص بنفسها و تقييد موضوعها بما لو كان المنكر باقيا على انكاره لان المستفاد منها كون الوجه في عدم جواز التعرض بالمنكر هو احترام يمينه والرضاء بها فإذا كذب الحالف نفسه فقد أذهب احترام يمينه وهذا واضح لكل من تأمل فيها فالاقرار بهذا البيان رافع لموضوع تلك النصوص وثانيها انا لا نفهم معنى قوله المقتضي كون ذلك سببا مثبتا جديدا للاستحقاق غير ما سقط باليمين حيث إن الظاهر من هذا الكلام كما ترى ذهاب المال باليمين وكون الاقرار ناقلا له عن ملك المقر إلى المدعي وأنت خبير بعدم دلالة العموم المذكور على كون الاقرار من النواقل - الشرعية كعقد البيع ونحوه غاية الأمر دلالته على كونه من الامارات المعتبرة شرعا إلى المقر به كالبينة ونحوها وقد عرفت سابقا المنع من دلالة النصوص الواردة في اليمين على خروج المال عن ملك المدعي بها ودخوله في ملك الحالف وقد اعترف بهذا قدس سره فيما سبق من كلامه في المسألة السابقة هذا.
لكن يمكن توجيه كلامه بان مراده من ذلك أنه لما أمرنا بمقتضى ما دل على تصديق اليمين بعدم تريب آثار المال على المحلوف عليه فقد سقطت بمقتضى تصديقها فإذا أقر الحالف بالمال وقلنا بتقديم عموم اقرار العقلاء فيقتضي ذلك جواز ترتيب الآثار على المال المحلوف عليه التي كانت منفية قبله فاقتضى أمرا جديدا لم يكن قبله لا أن يكون مراده من الكلام المزبور كون الاقرار وكذا اليمين من النواقل الشرعية للمال كالبيع هذا غاية ما يمكن به توجيه كلامه قدس سره ولكنك خبير بفساد هذا الكلام أيضا لان تصرف المدعي في المال بعد تكذيب الحالف نفسه ليس من جهة العموم المذكور أصلا بل إنما هو من جهة العمل بما دل على تسلط الناس على أموالهم وجواز التقاص لأجلها بعد ارتفاع موضوع الأخبار المانعة بالتكذيب فالمالك إنما يعمل بعلمه بعد ارتفاع المنع المذكور ولا دخل له بعموم اقرار العقلاء أصلا لأنه لو لم يكن من هذا العموم أثر في الشرع لحكمنا بجواز التصرف بل قد عرفت أن الحكم بترتيب الأثر بمقتضى العموم المذكور غير معقول لفرض العلم بالمقر به والعموم المذكور كنظايره مما يدل على الأحكام الظاهرية إنما هو في حق الجاهل بالواقعة لا العالم بها نعم لو فرض جهل المدعي بالحال لجاز له ذلك بالعموم المذكور لكنه خروج عن محل الفرض فتأمل حتى لا يختلط عليك الامر.
قوله إن رد اليمين على المدعي لزمه الحلف الخ أقول المراد باللزوم هنا على الظاهر بل المقطوع المصرح به في كلام جمع من الأجلة هو اللزوم الشرطي بمعنى انه لو أراد اثبات حقه لزمه الحلف لا أنه يجب عليه الحلف وإن لم يرد اثبات حقه وهذا مما لا كلام فيه إنما الكلام في المسألة يقع في مقامات أحدها في ثبوت الحق باليمين المردودة في الجملة ثانيها في تحقيق ما ذكروه من أن اليمين كالبينة أو كالاقرار ثالثها في سقوط الدعوى بنكول المدعي في الجملة أو مطلقا.
فنقول أما الكلام في المقام الأول فلا إشكال في ثبوت الحق بعد اليمين ويدل عليه مضافا إلى الاجماع عليه محققا ومنقولا من جماعة ممن تقدم وتأخر حسبما يقف عليه المتتبع في كلماتهم النصوص البالغة حد الاستفاضة بل التواتر حسبما هو مقتضى كلام بعض الأجلة منها خبر البصري قلت للشيخ يعني موسى بن جعفر (عليه السلام) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله قال فيمين المدعى عليه فإن حلف فلا حق له وإن لم يحلف فعليه وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له إلى أن قال ولو كان المدعى عليه حيا لألزم باليمين أو الحق أو رد اليمين عليه.