أحد الأقوال.
فنقول انه قد يقال إن مقتضى الأصل في المقام هو السقوط مطلقا عملا بالاستصحاب لان سقوط الحق بعد النكول وقبل الرجوع إلى اليمين أو إقامة البينة كان ثابتا فالأصل بقائه بعدهما وفيه أن السقوط سابقا إنما هو من جهة عدم الحجة وهو لا يقتضي بقائه بعدها واثباته بالاستصحاب اثبات للحكم في غير موضوعه وفي الحقيقة ليس هذا سقوطا حقيقة وتسميته به مسامحة وبعبارة أخرى سقوط الحق كان ثابتا سابقا في حق الناكل فلا يمكن اجرائه بالأصل في حق غيره فالأقوى بالنظر كون مقتضى الأصل بقاء الحق وعدم سقوطه مطلقا نعم لو تم ما أدعاه جماعة من قيام الاجماع على السقوط في المجلس ولو بعد إقامة البينة لأمكن أن يقال إن مقتضى الأصل هو السقوط مطلقا لكن سيأتي ما فيه من دعوى جماعة عدم قبوله.
إذا عرفت ما يقتضيه الأصل مع قطع النظر عن قضية الأدلة فلنرجع إلى التكلم فيها فنقول انه قد ذهب جماعة إلى سقوط الحق مطلقا بل مقتضى المحكي عن بعض الأجلة الاجماع عليه نظرا إلى روايات ادعوا دلالتها عليه قد عرفت جملة منها في القضاء باليمين المردودة ومنها خبر أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) إذا أقام الرجل البينة على حقه فليس عليه يمين فإن لم يقم البينة فرد الذي ادعى عليه اليمين فإن أبى أن يحلف فلا حق له إلى غير ذلك من الاخبار التي تدل على أنه إذا لم يحلف المدعى بعد رد اليمين إليه فلا حق له.
والجواب عن تلك الأخبار انه لا إطلاق فيها حتى يشمل صورة إقامة البينة بعد النكول وإنما المقصود منها عدم ثبوت الحق له من حيث عدم الحجة له فلا تعرض لها لحكم صورة إقامة الحجة فهذه الأخبار نظير ما ورد في الادعاء على الميت من أنه إذا ادعى عليه ولا بينة للمدعي فلا حق له فإنه لا يتوهم أحد انه يدل على سقوط حقه ولو بعد إقامة البينة ففيما نحن فيه للمدعي أيضا أن يقيم البينة على حقه بعد النكول فيأخذه من المنكر نعم قد عرفت أنه لو كان هناك اجماع على سقوط الحق ولو في المجلس كما أدعاه بعض لأمكن استصحابه فلا يبقى مورد للحكم بالبينة لكن هذه الدعوى أيضا لم تثبت فالأقوى بالنظر إلى القاعدة هو عدم سقوط الحق فتأمل وأما سائر التفاصيل فلا مستند لها يعتد به خصوصا التفصيل بين حكم الحاكم وعدمه لان هذا التفصيل مما لا معنى له أصلا لان حكم الحاكم تابع لكيفية دلالة الأدلة على السقوط فإن دلت على أن النكول ميزان للقضاء بالسقوط مطلقا فيقضى به كذلك وإن دلت على أنه ميزان له في الجملة فيقضى به كذلك.
قوله وإن نكل المنكر بمعنى انه لم يحلف ولم يرد قال الحاكم ان حلفت وإلا جعلتك ناكلا وتكرر ذلك ثلاثا استظهارا لا فرضا فإن أصر قيل يقضى عليه بالنكول وقيل بل يرد اليمين على المدعي الخ أقول قد كثر الخلاف والتشاجر بينهم في تلك المسألة فذهب الصدوقان والشيخان واتباعهم بل أكثر القدماء على ما حكي عنهم الأستاذ دام ظله العالي إلى القضاء بمجرد النكول وذهب جماعة منهم الشيخ والقاضي وابنا حمزة وإدريس على ما حكي عنهم إلى عدم القضاء به بل يحكم بعد رد اليمين على المدعي وحلفه وهو المشهور بينهم حسبما ذكره الأستاذ العلامة بل عن محكي الخلاف والغنية الاجماع عليه وكيف كان فالأقوال من الطرفين في غاية الكثرة.
فبالحري قبل الخوض في المسألة أن نؤسس الأصل الذي عليه المعول بعد عدم تمامية ما أقاموا من الأدلة فنقول ان الأصل مع من ذهب إلى عدم القضاء بمجرد النكول لان الأصل عدم جواز القضاء بمجرده لأنه قد عرفت أنه خلاف الأصل وأيضا الأصل عدم تأثيره وترتب الأثر عليه لأنك قد عرفت أن للقضاء حكما من حيث