أما الكلام على القول فلا إشكال بل لا خلاف في صحة القسمة في صورة ظهور الدين بل مع العلم به من أول الأمر سواء كان مستوعبا أو لا لما قد عرفت في طي كلماتنا السابقة من جواز كل تصرف للوارث في التركة الغير المنافي لتعلق حق الغير بها بأن لا يكون مستلزما لتفويت ماليتها كتبديلها بما يساوي قيمتها ونحوه من التصرفات الغير المتلفة للمالية لأنه مقتضى الجمع بين قوله الناس مسلطون على أموالهم وتعلق حق الديان بالتركة.
أما الكلام على القول الثاني فلا إشكال فيه أيضا في صحة القسمة بناء على ما عرفت سابقا من أنا وإن لم نقل بانتقال التركة إلى الوارث في صورة وجود الدين إلا انا نقول بجواز تصرفه في التركة بما لا ينافي لتعلق حق الداين لما دل عموما على كونه أولي بالميت من غيره فقضية الجمع بينه وبين ما دل على مراعاة حق الديان الحكم بجواز التصرفات الغير المنافية لتعلق الحق بها.
فظهر مما ذكرنا اندفاع الاشكال الذي أورده جماعة على المصنف منهم ثاني الشهيدين قدس سره في المسالك من أن القول منه بصحة القسمة في الفرض ينافي ما ذهب إليه من عدم انتقال التركة إلى الوارث وبقائها على حكم مال الميت هذا.
ثم إنه ذكر جماعة على تقدير صحة القسمة انه لو أقام الورثة جميعا بالدين فلا تبطل القسمة وإن لم يقيموا جميعا نقضت وقضى منها الدين هكذا في المتن وغيره من بعض كتاب الأصحاب وفي الدروس وغيره انه لو امتنع بعض دون بعض نقضت بالنسبة إلى الممتنع وقضى من حصته الدين دون المقيم بالوفاء هذا ولا يخفى عليك ما فيه من الاشكال لان بعد الحكم بصحة القسمة لا معنى لعود المال إلى الإشاعة بعد الامتناع من الكل أو البعض لان غاية ما يقتضيه هو وفاء الدين من التركة لا فساد القسمة كما لا يخفى على ذوي الأفهام المستقيمة اللهم إلا أن يكون مرادهم بنقض القسمة في صورة الامتناع عدم تسلط الممتنع على نصيبه تسلطا تاما بل يبيع (يباع خ) عليه قهرا ويقضى منه الدين فتأمل هذا كله فيما لو ظهر بعد القسمة دين.
أما لو ظهر بعدها وصية تقتضي التمليك فلا يخلو إما أن لا تكون متعلقة بعين التركة كما لو قال اعط فلانا فرسا ولم يكن له فرس أصلا أو مئة دينار مثلا ولم يكن في تركته الدينار أصلا وإما أن تكون متعلقة بها وعلى الثاني لا يخلو إما أن تكون متعلقة بجزء معين منها أو مشاع كما لو قال اعط فلانا مئة دينار من أموالي أو ثلث مالي وعلى الأول فلا إشكال في الحكم بصحة القسمة فهو مثل ما لو ظهر دين بعد القسمة وعلى الثاني فحكمه حكم ما لو ظهر بعض المال المشترك مستحقا للغير بالنسبة إلى كل من القسمين من المعين والمشاع فراجع إليه وهذا الذي ذكرنا لا إشكال بل لا خلاف فيه بين الأصحاب حسبما يظهر من الرجوع إلى كلماتهم والتأمل فيها والله العالم ثم إن هنا فروعا ينبغي التنبيه عليها وإن مرت الإشارة إلى بعضها في طي كلماتنا السابقة.
أحدهما ان المشهور بين الأصحاب بل حكي الاجماع عليه بعض عدم جواز قسمة الوقف كما أن المشهور بينهم جواز قسمة المال الذي بعضه وقف وبعضه طلق على سبيل الإشاعة ووجه الأول انه مناف لغرض الواقف فيدل على فساده ما دل على أن الموقوف حسبما يوقفها واقفها فتأمل هذا مضافا إلى منافاته لتعلق حق البطون المتأخرة به فإن مرجع الوقف عليهم جميعا اشتراك جميعهم في المال الموقوف عليهم وإن كان على وجه الترتيب فربما يفضي قسمته إلى ورود ضرر على بعضهم كما إذا كان ورثة أحد الشريكين من البطن الأول الذين هم البطن الثاني أكثر من ورثة الآخر والقول بأن قسمتهم نافذة في حقهم لا في حق البطون المتأخرة مما لا يعقل له معنى كما لا يخفى ثم إنه