أطلقت سيما في الاخبار وكلمات أصحابنا الأخيار هو خصوص الاثنين كما يشهد له ما تقدم من حكاية شريح وأما الاحتياج إلى الشاهد فلما عرفت سابقا من أن الحكم باليمين في طرف المدعى يحتاج بحسب الحكمة إلى ظهور يتقوى به جانبه حتى يضعف الأصل الذي في جانب المنكر.
وقد يقال بأن الحجة المجموع المركب منها وكل منهما جزء السبب ولعله مختار الأكثر وهو الحق ويدل عليه اطلاق الأخبار الواردة في القضاء بالشاهد واليمين فان مقتضاها كما لا يخفى لمن لاحظها كون كل منهما جزء الحجة وهي مركبة منهما هذا وقد ذكر الأصحاب لكل من هذه الوجوه وجوها ضعيفة غير ما ذكرنا يقف عليها كل من راجع إلى كتبهم.
ثم إنهم ذكروا انه تظهر الثمرة بين الأقوال في الغرم ومقداره إذا رجع الشاهد عن شهادته فإنه على الأول بالتمام على الشاهد وعلى الثاني بالتمام على المدعى ولا شئ على الشاهد وعلى الثالث على كل منهما النصف هكذا ذكروه ولكنه ضعيف لان التلف في المقام إنما جاء من قبل كل منهما مع مدخليته سواء سمى شرطا أو سببا لان مجرد التسمية بالسبب والشرط لا يتفاوت به معنى الضمان فالحق على جميع الأقوال النصف على كل منهما وما ذكرنا لا يخفى على من له أدنى تأمل فتأمل هذا مجمل القول في الموضع الثاني.
وأما الكلام في الموضع الثالث فنقول انه لا إشكال بل لا خلاف بين الأصحاب في لزوم تقديم البينة ويدل عليه مضافا إلى عدم الخلاف فيه الأصل أي أصالة عدم ثبوت الحق بدون تقديم الشاهد وأما اطلاقات الأخبار الواردة في المقام فلا تنفع رافعا له لكونها واردة في بيان أصل تشريع القضاء بالشاهد واليمين فهي مهملة من جهة بيان حكم الترتيب في الأداء هذا.
وقد يتمسك له بوجوه آخر غير ناهضة أحدها ان مقتضى الاعتبار بل الاخبار كون اليمين علة لرفع الخصومة بمعنى عدم الاحتياج بعدها إلى شئ آخر بل يقضى بمجرد وجودها لأنه مقتضى احترام اسم الله تبارك وتعالى وما دل على تصديق الحالف بالله ثانيها ما استدل به في محكي كشف اللثام من أن جانبه حينئذ يقوى وإنما يحلف من يقوى جانبه كما أنه يحلف إذا نكل المدعى عليه لان النكول قوى جانبه انتهى وهذا ما أشرنا إليه غير مرة من أن اكتفاء الشارع من المدعي باليمين إنما هو بعد حصول ضعف في الأصل الذي في طرف المنكر بقيام ظهور شخصا أو نوعا على خلافه ثالثها ما أشار إليه شيخنا الأستاذ وبعض من تقدم عليه على أنه مقتضى - الترتيب الوارد في جميع النصوص رابعها ما ذكره في المسالك من أن المدعي وظيفته البينة لا اليمين بالأصالة فإذا أقام شاهدا صارت البينة التي هي وظيفته ناقصة وتتميمها باليمين بخلاف ما لو قدم اليمين فإنه ابتدء بما ليس من وظيفته ولم يقدمه ما يكون متمما له.
واما ثبوت عدالة الشاهد فلا يترتب على شهادته بل المعتبر العلم بها قبل الحلف انتهى إلى غير ذلك من الوجوه التي ذكروها وأنت خبير بعدم تمامية جميعها نعم هي وجوه اعتبارية تصلح تأييدا لما ذكرنا هذا مجمل القول في الموضع الثالث.
وأما الكلام في الموضع الرابع فنقول المدعى به لا يخلو إما أن يكون من حقوق الله محضا أو حقوق الناس كذلك أو يكون فيه جهتان والحكم في الأخير يظهر من بيانه في القسمين (الأولين خ) فما كان من حقوق الله محضا فقد أجمع الأصحاب على عدم ثبوته بالشاهد واليمين وعدم سماعهما فيه والوجه فيه مضافا إلى الاجماع أيضا يظهر من بعض كلماتنا السابقة في عدم سماع الدعوى في حقوق الله من غير بينة فراجع وأما ما كان من حقوق الناس