ثم إنه حكى تنظير ما نحن فيه عن ابن الجنيد بما لو كانت تركة الميت بمقدار ألف دينار وكان لاحد الغريمين عليه ألف وللآخر عليه ألفان فكما انه في الفرض لا يحكم بتقسيم الألف أرباعا من حيث اعتراف صاحب الألف بكون نصفه لصاحب الألفين بإزاء الألف بل تقسم بينهما على سبيل العول أثلاثا كذلك في المقام وأجاب عنه العلامة قده بخروجه عن محل الفرض لان الحق من كل منهما في المثال مستوعب لتمام المال فكل منهما يريد تمامه فلا جزء هنا يسلم لمريد الزيادة وهذا بخلاف المقام.
وأورد شيخنا الأستاذ دام ظله العالي على ما ذكره العلامة قدس سره بأن ما ذكره من التقسيم على طريق العول جار فيما إذا كان حق أحد الغريمين في المثال أنقص من الألف فهو فرار عن الجواب والحق في الجواب ما ذكرنا من فساد المقايسة على ما عرفته.
ثم إن هذا كله فيما إذا كان التداعي بين شخصين وأما إذا كان بين أزيد من الشخصين فتارة لا يستوعب ما يدعيه غير مدع الكل الكل بأن ادعى أحدهما النصف والآخر الثلث وأخرى يستوعبه سواء ساواه كما لو ادعى أحدهما الثلثين والآخر الثلث أو زاد عنه كما لو ادعى أحدهما الثلثين والآخر النصف.
أما الأول فالظاهر أنه لا إشكال في مساواة حكمه للصورة السابقة فيبقى السدس سليما عن المزاحم لمدعي الكل فيقسم الباقي باعطاء اثنين لمدعي النصف وواحد لمدعي الثلث وثلاثة لمدعي الكل إذ مزاحمة مدعي الثلث إنما هو مع مدعي الكل إذ لا تعارض بينه وبين مدعي النصف أصلا فلا معنى لورود النقص على حصته ولا فرق فيما ذكرنا بين ملاحظة المدعيين للكسرين ومدعي الكل مجتمعين أو متفرقين كما لا يخفى واحتمل في القواعد في المقام القول بالتقسيم على طريق العول على ما ذهب إليه ابن الجنيد ويحتمله عبارته في المختلف أيضا ولم يعلم وجه الفرق بينه وبين الصورة الأولى وهو ما لو كان التداعي بين النصف والكل.
وأما الثاني وهو صورة الاستيعاب سواء كان مع مساواة الكسور للكل أو زيادتها منه فالذي عليه المشهور عدم الفرق أيضا فيقسم على غير طريق العول من غير فرق بين ملاحظة المدعيين مجتمعين أو متفرقين ويظهر من العلامة رحمه الله موافقته لابن الجنيد في الصورة لعدم بقاء جزء من العين خال عن المزاحم له وكلامه وإن كان مطلقا شاملا للصورة السابقة أيضا إلا أنه حمله الفاضل في الكشف على صورة الاستيعاب من حيث عدم وجه للفرق بين صور عدم الاستيعاب حيث قال بعد نقله ما ذكره الفاضل في المتخلف من قوله بعد نقل خلاف ابن الجنيد وهو الأقوى عندي لو زاد المدعون على اثنين ما هذا لفظه يعني واستوعب دعاوى غير مدعي الجميع للعين أو زادت عليها كما إذا ادعى أحد الثلاثة الجميع وآخر منهم الثلثين وآخر منهم الثلث أو النصف فإنه حينئذ لا يبقى في العين جزء لا تزاحم فيه بخلاف ما إذا ادعى أحد الجميع وكل من الآخرين الثلث انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
فتلخص مما ذكرنا أن الأقوال في المسألة ثلاثة أو أربعة والحق هو ما ذهب إليه المشهور في جميع الصور ويدل على ما ذكرنا مضافا إلى ما عرفت مرسل ابن المغيرة عن الصادق (عليه السلام) في رجلين كان بينهما درهمان فقال أحدهما الدرهمان لي وقال الآخر هما بيني وبينك فقال أبو عبد الله (عليه السلام) أما الذي قال هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له في شئ وانه لصاحبه وأما الآخر فبينهما خلاف وكذا مرسل ابن أبي حمزة عنه أيضا وجه الدلالة انك قد عرفت في طي كلماتنا السابقة ان الرواية ظاهرة في صورة الإشاعة بملاحظة قوله بيني و بينك ولو لم تكن ظاهرة فيها يمكن القول بظهورها في المدعى أيضا بملاحظة التعليل هكذا ذكره الأستاذ العلامة وتوهم اختصاص كلام ابن الجنيد بصورة عدم الاقرار مما هو فاسد جزما هذا.