فيه باليمين على نفي العلم إلزام له بأمر متعذر إذ لا فرق في تعذر اليمين البتي على نفي فعل الغير بين انضمام نفي فعل النفس إليه وعدمه كما لا يخفى فما دل على عدم إلزام المنكر باليمين على البت في نفي الغير للتعذر جار بعينه فيما نحن فيه أيضا هذا ما يقتضيه جلى النظر.
وأما ما يقتضيه دقيقه فهو أن يقال بعدم كفاية اليمين المزبورة في الصورة المفروضة لما قد عرفت من مطاوي كلماتنا من أن اليمين على نفي الاشتغال أمر بسيط لا تعدد فيه أصلا فإذا علم إجمالا باستناد المنكر إلى الأصل في نفي أحد الفعلين فلا يبقى هناك ظهور نأخذ به.
وأما ما استدل به أخيرا لكفاية اليمين على النحو المذكور من حديث التعذر ففاسد جدا إذ لا نريد بإلزامه على اليمين البتي إلزامه بها بالنسبة إلى نفي فعل الغير بل نحكم بعدم سماع اليمين المذكورة عنه من حيث احتمال استنادها إلى الأصل في نفي فعل النفس ورجوع دعوى المدعى إليه فلم يحصل التطابق وليس التعذر الشخصي أينما وجد مقتضيا للاكتفاء باليمين على نفي العلم حتى يقال بمثل ما ذكرته بل الثابت من الدليل الاكتفاء باليمين على نفي العلم إذا علم أن متعلق الدعوى فعل الغير من جهة التعذر النوعي الذي صار حكمة لجعل الحكم فما لم يحرز هذا العنوان لا يمكن أن يحكم بالاكتفاء باليمين على نفي العلم وبالجملة قد ذكرنا سابقا ان مقتضى الأصل الأولى المستفاد من المعمومات هو لزوم كون اليمين على البت مطلقا خرج عنه صورة العلم بكون متعلق الدعوى فعل الغير فيؤخذ به في باقي الصور حسبما بينا في الأصول تبعا لجماعة من المحققين من وجوب الرجوع إلى العام عند الشك في مصداق المخصص وهذا معنى ما ذكره في المسالك من الحاق دعوى - الغاية من الملكية والاشتغال بدعوى فعل النفس فإن مراده ليس الالحاق الموضوعي بل الالحاق الحكمي لما ذكرنا فراجع وتأمل هذا محصل ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله من حكم الصور الثلاث وعليك بالتأمل فيه فإن للنظر فيه مجالا واسعا لا سيما بالنسبة إلى ما ذكره أخيرا في حكم الصورة الثالثة.
إذا عرفت ما ذكرنا من الأمور فاعلم أن الأقوال في المسألة من الخاصة والعامة خمسة.
أحدها كون اليمين على البت مطلقا وهو المحكي عن ابن أبي ليلى ويمكن الاستدلال له بأنه الأصل المستفاد من العمومات الواردة في باب القضاء حسبما عرفت أن المستفاد منها كون اليمين على البت مطلقا بالبيان الذي تقدم القول فيه غير مرة فإن تمكن المنكر من الحلف على البت كما لو كان عالما فيحلف عليه وإلا فيجب الرد عليه كما لو لم يكن عالما وأجاب باني لا أعلم ولا منافاة بين عدم جواز الحلف على البت له تكليفا وكونه وظيفة له بحسب الوضع كما عرفت تفصيل القول فيه نعم لو وجد مورد لم يسمع دعوى الواقع فيه أصلا بل المسموع هو دعوى العلم كما لو ادعى أحد على من أقر لشخص بمال ان المال لي فإنه لو لم يدع علم المقر بان المال كان للمدعي فأقر للغير لم يسمع دعواه فلا بد من التزام هذا القائل بكفاية اليمين على نفي العلم هذا واحتمل بعض مشايخنا قده أن يكون مراد هذا القائل ما ذكره جماعة من أصحابنا منهم العلامة في القواعد وير بعد تقسيمهم اليمين إلى الأقسام الأربعة وحكمهم بأن اليمين على نفي العلم في اليمين على نفي فعل الغير بعد دعوى العلم من أن اليمين على هذا على البت مطلقا فيكون هذا القائل موافقا للأصحاب لكنه في غاية البعد و خلاف ما نسب إليه الأصحاب كالشيخ وغيره.
ثانيها كونها على نفي العلم مطلقا سواء في فعل النفس أو فعل الغير اثباتا أو نفيا وقد حكى هذا القول عن جماعة من العامة منهم الشعبي والنخعي.