وفيه أن الظاهر منها كما لا يخفى على من أعطى حق النظر فيها الكراهة لا الحرمة فلا تعارض ما دل من الاخبار على الجواز مثل صحيح البقباق ان شهابا ما رآه في رجل ذهب له بألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف التي أخذ منك فأبى شهاب قال فدخل شهاب على أبي عبد الله فذكر ذلك له فقال إما أنا فأحب أن تأخذه وتحلف وخبر علي بن سلمان قال كتبت إليه رجل غصب رجلا مالا ثم وقع عنده مال بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه أيحل له حبسه عليه أم لا فكتب (عليه السلام) نعم يحل له ذلك إن كان بقدر حقه وإن كان أكثر فيأخذ منه ما كان ويسلم الباقي إليه إن شاء الله.
ويؤيد ما ذكرنا من كون النهي الوارد فيها للكراهة من جهة كونها خيانة صورة فيكون النهي عنها من جهة التأكد في حفظ الأمانة وعدم الخيانة ما روى عن الصادق (عليه السلام) في خبر عبد الله بن إسماعيل أد الأمانة لمن ائتمنك وأراد منك النصيحة ولو أنه قاتل الحسين (عليه السلام) وما روى عنه في خبر عمار اعلم أن ضارب علي (عليه السلام) بالسيف وقاتله لو ائتمنني على سيف واستشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت إليه أمانته إلى غير ذلك والعمدة في الجواب عن تلك الأخبار هو ما ذكرناه لا ما ذكره الأكثر من أن قضية الجمع بينها وبين ما دل على الجواز هو الحمل على الكراهة إذ لا دليل على هذا الجمع بعد تسليم دلالة الاخبار على المنع فليرجع إلى المرجحات والترجيح مع الأخبار المانعة لكثرتها مضافا إلى امكان المناقشة في بعض الأخبار المجوزة مثل الخبر الأول فإن جواز المقاصة بعد الحلف مما يكون العمل على خلافه مع دلالة أكثر الاخبار عليه أيضا نعم لو قيل إن موافقة الاخبار المجوزة للعمومات يكون من المرجحات لها لم يكن فيه بعد عن الصواب لو لم نقل بكونها مرجعا بعد التكافؤ لا مرجحا لما يوافقها من المتعارضين.
الثالث لا إشكال بل لا خلاف عندنا في جواز التقاص من غير الجنس وإن لم يستأذن الحاكم فيما لا يشترط استيذانه كما أنه لا خلاف عند الجميع حتى من العامة في جواز التقاص من الجنس بل أقول إنه مما لا يعقل - الخلاف فيه بعد فرض مشروعية التقاص وهل يجوز له بيع ما يظفر عليه من مال المالك سواء كان وديعة عنده أو لا وأخذ مقدار حقه من ثمنه أم لا وجهان أوجههما بالنظر إلى ما يظهر في ابتداء النظر من نصوص الباب هو الثاني ولكن مقتضى التأمل والنظر الدقيق فيها هو الأول فإن المقصود منها جواز استخراج الداين دينه من مال الغريم بأي وجه أمكن ولو ببيعه وإن شئت قلت إن الشارع اقامه مقام المالك أو وليه في مورد التقاص فيجوز له بيع ماله وأخذ حقه منه كما أنه يجوز للحاكم بيع ماله قهرا عليه وله في كثير من الموارد فالمقاص أيضا ولي له في الواقعة الخاصة ولهذا أعده جماعة من الأصحاب في عداد الأولياء كالشهيدين في الدروس والروضة فاندفع بذلك ما ربما يقال بل قيل من أن مقتضى القاعدة عدم صحة بيع مال الغير من دون اذنه واذن وليه المفقودين في الفرض والمفروض عدم توقف استنقاذ الحق عليه أيضا لامكانه بأخذ نفس المال ثم إن الذي ذكرنا الظاهر أنه المشهور بين الأصحاب كما يعلم من الرجوع إلى كتبهم فما حكي عن بعض نسخ الكفاية من نسبة عدم الجواز إلى الأصحاب مما هو معلوم فساده لمن له أدنى تتبع بكتب القوم والله العالم.
الرابع انه لو تلف المال الذي أخذه للمقاصة من ثمنه من دون تعد منه وتفريط قبل بيعه فهل يضمنه مطلقا أو لا يضمنه كذلك أو فيه تفصيل بين مقدار الحق والزايد لو كان المأخوذ زايدا على مقدار الحق أو فيه تفصيل بين ما إذا أخذه بعنوان المقاصة به ولكن لم ينشأها لإرادة معرفة قيمته وغيره وجوه بل أقوال الأول لجماعة حسبما هو قضية اطلاق ما ذكروه من الحكم بعدم الضمان بل صريح بعضهم والثاني للشيخ رحمه الله وتبعه الشهيدان والمولى