إذا ادعى عليه العلم فقال لا أعلم كما في الادعاء على الميت مع ادعاء علم الوارث بالمدعى به فلا إشكال في كونه انكارا حقيقة جاريا عليه جميع أحكام الانكار وتعرضوا له فيما سيأتي في مسألة الادعاء على الميت.
وكيف كان فلنرجع إلى بيان الحكم للأجوبة المذكورة فنقول أما الاقرار فالظاهر منهم اتفاقهم على أنه سبب لالزام المقر بما أقر به إذا كان جامعا لشرايطه المذكورة في بابه لقوله (صلى الله عليه وآله) أقرار العقلاء على أنفسهم جايز بل المشهور بينهم انه يلزمه ذلك سواء حكم الحاكمية أم لم يحكم وهذا بخلاف البينة فإنها لا يثبت الحق بمجرد اقامتها بل لا بد معها من حكم الحاكم وعلل الفرق بينهما في المسالك وغيره بأن البينة منوطة باجتهاد الحاكم في قبولها إذا كانت جامعة للشرايط وردها إذا كانت فاقدة لها وهو غير معلوم بخلاف الاقرار وقد يقال بل قيل بعدم الفرق بينهما من حيث جواز العمل بكل منهما وإن لم يحكم به الحاكم فإنه كما أن أدلة الاقرار عامة للحاكم وغيره كذلك أدلة البينة عامة لهما والقول بكون المخاطب بالعمل بالبينات خصوص الحاكم أو المخاطب به جميع الناس لكن حكم الحاكم شرط له تخصيص وتقييد لم يثبت والأصل عدمه على أنه يجري في أدلة الاقرار أيضا حرفا بحرف.
وأما الفرق بينهما بما ذكره في المسالك الراجع حاصله إلى عدم قدرة غير الحاكم على العمل بالبينة من حيث عدم إمكان احراز شرايطها له بخلاف الاقرار ففاسد جدا أما أولا فبالنقض بالبينة في غير مقام الخصومة ورفع المنازعة كالبينة على الطهارة والنجاسة وغيرهما فإن ظاهرهم الاتفاق على جواز العمل بها فيه لكل من قامت عنده وإن لم يحكم به (بها خ) الحاكم ومعلوم ان شرايط العمل بالبينة وموانعها لا تتفاوت بالنسبة إلى المقامين وأما ثانيا فبالنقض بالاقرار فإنه أيضا مثل البينة في أن له شرايط وموانع يحتاج إلى الاجتهاد في احرازها ورفعها وأما ثالثا فبأنا نفرض الكلام كما هو المفروض في البينة التي علم قبولها عند الحاكم باجتماعها شرايط القبول عنده فلا فرق بين البينة والاقرار في كون كل منهما جايز العمل لكل أحد وإنما الحاكم يحكم أيضا بمقتضاهما فيترتب على حكمه ثمراته من عدم سماع الدعوى بعده ونحوه لا أن أصل تناول المدعى بعد قيام البينة والعلم بقبولها عند الحاكم وإن لم ينشأ الحكم به متوقف على حكمه هذا.
وقد ذكر الأستاذ العلامة في مجلس المباحثة وجها للفرق بينهما لا يخلو عن دقة وهو ان المقر بنفس اقراره يرفع الخصومة فالعمل بالاقرار ليس رفعا للخصومة والدعوى حتى يقال بأنه مختص بالحاكم بل الخصومة بنفسها تنفصل وترتفع عند اقرار المنكر واعترافه بثبوت ما ادعى عليه وهذا بخلاف البينة فإنها إنما قامت على ثبوت الحق وأما رفع الخصومة والفصل بين المدعي والمنكر فهو شئ آخر غير ملازم لقيام البينة.
وتفصيل القول في ذلك بحيث يوضح به المقام ويرتفع الغواشي عن وجوه المرام ان العمل بالبينة قد يكون في غير مقام المرافعات والخصومات كما إذا قامت على طهارة أو نجاسة أو ملكية أو زوجية أو غيرها من غير أن يكون محلا للنزاع والمرافعة وهذا مما لا إشكال بل لا خلاف في كونه غير مختص بالحاكم ولا مشروط بحكمه أيضا وإنما ذهب من ذهب إلى الاختصاص أو الاشتراط في مقام فصل الخصومة وقد يكون في مقام المرافعات و هذا على ثلاثة أقسام أحدها أن يريد من العمل بها الحكم بين المتخاصمين بالحكومة الاصطلاحية بأن يلزم المنكر بأداء الحق على ما يجوز للمجتهد من أنحاء الالزام وهذا أيضا مما لا إشكال بل لا خلاف في اختصاصه بالحاكم بل العمل بالاقرار بهذا المعنى أيضا مختص به ولا يجوز لغيره ثانيها أن يريد من العمل بها محض ترتيب الأثر عليها الغير المستلزم لفصل الامر ورفع الدعوى بينهما ولو كان بغير الفصل الاصطلاحي بأن كان فصلا لبيا كما إذا أريد الصلاة