فإذا لم يبق في المقام إلا استصحاب الحاكم ولعمري انه أوهن من بيت العنكبوت إما أولا فلعدم الدليل على ثبوت المستصحب بعدما عرفت من عدم الدليل على سماع البينة وإن أريد اثبات سماعها بكونها مطابقة للدعوى بضميمة الاستصحاب لم يخل عن الدور كما لا يخفى وأما ثانيا فلعدم جواز القضاء بالاستصحاب لو فرض هناك دليل على ثبوت المستصحب كأن يدعى ان مقتضى ما دل عموما على العمل بالبينة وتصديقها جواز العلم بها للحكم في غير مقام القضاء فيستصحب مقتضاها وأما ثالثا فلعدم جواز القضاء به في مقابل اليد وإن قلنا بجواز القضاء به في الجملة ضرورة حكومة اليد على الاستصحاب.
ثم إن من التأمل فيما ذكرنا يظهر لك ضعف متمسك المصنف والشيخ رحمه الله في أحد قوليه لما ذهبوا إليه من جواز القضاء بالبينة على الملكية السابقة وهو ان الملكية السابقة أولى من اليد الحالية لدلالتها على الملك في الحال مع انفرادها بالزمان السابق فيكون أرجح من اليد وأما المطابقة فموجودة بعد استصحاب الحاكم ثم إن الفرق بين المسألة وما ذكره المصنف وتقدم في مسألة القديم والأقدم الموجب للإعادة والمصحح لها هو ما ذكره في المسالك من أن الكلام في المسألة السابقة إنما كان في حكم تعارض البينة التي تشهد بالملكية السابقة والبينة التي تشهد على الملكية اللاحقة الفعلية وفي المقام في حكم تعارض البينة التي تشهد بالملكية السابقة مع اليد فالكلام في إحدى المسألتين لا دخل له بالكلام في الأخرى كما لا يخفى قال في المسالك بعد نقله دليل المصنف لما ذهب إليه حسب ما عرفته ما هذا لفظه وقد تقدم البحث فيه والفرق بين هذه والسابقة الموجب لإعادة البحث ان المعارضة في هذه بين اليد المتحققة واليد السابقة الثابتة بالبينة أو الملك السابق كذلك والسابقة وقع فيها التعارض بين البينتين الدالة إحديهما على اليد في الحال مع عدم ظهورها في غيره والأخرى على الملك السابق فلا تعرض فيها للمعارضة بين اليد السابقة والحالية انتهى كلامه.
وذكر بعض مشايخنا قده فرقا آخر بين المسألتين فإنه قال في جملة كلام له يطعن فيها على ما ذكره في المسالك ويستغرب عنه ما هذا لفظه.
وبالجملة لا يخفى على من تأمل كلمات الجميع ما فيها من الخلط والخبط في موضوعات المسائل إذ من المعلوم ان المراد من المسألة السابقة التي قدمنا فيها بينة الملك القديم على بينة الملك الحادث كون كل من البينتين تشهد بالملك فعلا للمال الخارج عنهما وتتعارضان في ذلك ولكن إحديهما تشهد مع ذلك بملك سابق لا تعارضها الأخرى فيه فترجح حينئذ أو يبقى استصحابه سالما عن المعارض وهذه غير الشهادة بالملك أمس فقط أو باليد السابقة الدالة عليه انتهى ما أردنا نقله.
وأنت خبير بأن ما ذكره من الفرق وإن كان هو الفارق بين المسألة السابقة والمقام في كلام غير المصنف من الأصحاب إلا نه لا دخل له بكلام المصنف لأنك قد عرفت سابقا ان المستفاد من كلام المصنف في تلك المسألة هو كفاية قيام البينة على الملكية السابقة وإن لم تتعرض للملكية الحالة أصلا حسب ما صرح به في المسالك فالفرق بينهما على هذا التقدير ليس إلا ما ذكره في المسالك هذا مضافا إلى أن اشتراط خروج المال عن يد المدعيين في المسألة السابقة مما لم يعهد عن أحد بل الظاهر منهم خلافه ولهذا ذكروا مسألة تعارض القديم والأقدم مع الدخول والخروج كما عرفت تفصيل القول فيها فلا معنى لاخذه في بيان الفرق كما صنعه والله العالم هذا مجمل القول في المقام الأول وهو ما لو قامت البينة على الملكية السابقة.
وأما لو قامت على اليد السابقة مع كون دعوى المدعي الملكية الحالية فالذي يظهر من الشيخ في