قوله لو مات وعليه دين محيط بالتركة لم تنتقل إلى الوارث الخ أقول اختلف الأصحاب بعد اتفاقهم على انتقال التركة إلى الوارث لو لم يكن هناك دين ولا وصية وعدم انتقالها إلى الديان لو كان هناك دين حسبما حكاه جماعة وإن كان ظاهر الأردبيلي في آيات الاحكام عدم انعقاد الاجماع لكن الظاهر انعقاده على ذلك وعلى تعلق الحق بها في الجملة لو كان في أنه هل يشترط في انتقال جميعها إلى الورثة انتفاء الدين إما بعدمه رأسه أو بارتفاعه بعد وجوده بأحد أسباب الارتفاع من أداء الوارث إما من التركة أو غيرها أو المتبرع أو ابراء الداين إلى غير ذلك فلو لم ينتف بل كان الميت مديونا لم تنتقل بأجمعها إلى الوارث بل تكون في حكم مال الميت كلا أو بعضا أو لا يشترط في انتقالها كذلك إلى الوارث انتفاء الدين بل تنتقل إلى الورثة مع وجود الدين وإن لم يكن انتقالها إليهم انتقالا مستقلا تاما لما قد عرفت من تعلق حق الديان بها في الجملة إجماعا على قولين.
أحدهما الاشتراط وعدم الانتقال إلى الورثة مع وجود الدين ذهب إليه المصنف والشيخ في المبسوط في آخر كلام له في المسألة في هذا الباب وإن كان ظاهره في أوله الانتقال وحكى عن جماعة منهم الحلي والفاضل في الارشاد والشهيد قدس الله أسرارهم بل في المسالك ومحكي المفاتيح نسبته إلى الأكثر بل في السرائر نسبته إلى الأصحاب وعدم الخلاف فيه بينهم حيث قال في كتاب الوصايا منه إذا كان على الميت دين يحيط بالتركة فإنه بلا خلاف منا لا تدخل في ملك الغرماء ولا ملك الورثة والميت قد انقطع ملكه وزال فينبغي أن يكون موقوفة على قضاء الدين انتهى وقال في كتاب الدين ان أصول مذهبنا تقتضي ان الورثة لا يستحقون شيئا من التركة دون قضاء جميع الديون ولا يسوغ ولا يحل لهم التصرف في التركة دون القضاء إذا كانت بقدر الدين إلى آخر ما ذكره.
ثانيهما عدم الاشتراط والانتقال إلى الورثة حكى عن جماعة منهم الفاضل في التحرير والتذكرة و قضاء المختلف والقواعد والمحقق في شرحه وأول الشهيدين في الحواشي وثانيهما في المسالك والفاضل الأصفهاني في كشف اللثام بل ربما يظهر من بعض نسبته إلى الشهرة بل في التذكرة دعوى الاجماع عليه ظاهرا حيث قال الحق عندنا ان التركة تنتقل إلى الوارث انتهى هذا ولكن الانصاف انه ليس اجماع بل ولا شهرة محققة على أحد القولين بحيث يلحق الآخر بالشواذ لما قد عرفت من وجود الخلاف العظيم بينهم ونقل الاجماع من الطرفين والعجب من سيد مشايخنا في الرياض حيث ادعى اجماع الأصحاب على الانتقال وجعله عمدة الوجه له مع ما عرفت من الخلاف.
وكيف كان فلنتكلم في تحقيق الحق من القولين ونقل الأدلة من الطرفين وما وقع من الكلمات في البين مراعيا للانصاف مجتنبا عن الاعتساف فنقول ان الكلام يقع في مقامين أحدهما في الدين المستغرق للتركة والمحيط بها ثانيهما في الدين الغير المستغرق لها.
وبالحري قبل الخوض في بيان الأدلة من الطرفين في المقامين أن نبين ما يقتضيه الأصل الأولي العملي من القولين وانه هل يكون أصل على طبق أحدهما حتى يؤخذ به ويرجع إليه بعد عدم قيام الدليل على التعيين أو لا أصل في البين أصلا.
فنقول انه قد يقال إن مقتضى الأصل الأولى هو القول الأول لان الأصل عدم انتقال التركة إلى الوارث لان الانتقال أمر حادث مسبوق بالعدم فيستصحب عدمه هذا وقد أورد عليه الأستاذ العلامة دام ظله بأن الأصل وإن كان عدم انتقال المال إلى الورثة لكنه لا يثبت كونها في حكم مال الميت لأنه أيضا حادث والأصل عدمه.
توضيح ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدمة وهي انه إذا مات الانسان فيرتفع الرابطة التي كانت بينه وبين