الجهة بل احتمل في إحديهما المعين ما لا يحتمل في الأخرى مما يوجب كونها مستندة إلى ما يكون حاكما على ما استندت إليه الأخرى فيجب الجمع بينهما بالحمل على ما ذكر حسبما هو قضية ما دل على تصديقهما مهما أمكن ومنه يظهر فساد ما ذكره بعض مشايخنا تبعا للحلي في السرائر من أن الترجيح بهذه المرجحات من القواعد العامة وأصولهم الفاسدة.
فنقول في المقام ان مقتضى ما ذكر هو القضاء بالبينة المتأخرة لاحتمال استنادها إلى شراء من الذي يشهد له البينة المتقدمة ومعلوم ان هذا الاحتمال لا يجري في البينة المتقدمة لأنها لا تقبل التأخر عن زمان شهادتها وأما سائر الاحتمالات كاحتمال اطلاع البينة المتقدمة على فساد الشراء ونحوه فيجري بالنسبة إلى البينة المتقدمة بالنظر إلى سبب حدوثها فلا يصلح وجها للجمع.
وبعبارة أخرى للبينة المتقدمة حدوث وبقاء وللبينة المتأخرة حدوث فحسب فكل احتمال يجري في المتأخرة من جهة مبدء حدوثها يجري في المتقدمة أيضا وكل احتمال يجري في المتقدمة بالنسبة إلى بقائها لا يجري في المتأخرة كاحتمال ارتفاع بقائها بالبينة المتأخرة فلا بد من تصديقهما وحملهما على ذلك ليحصل الجمع بينهما وبعبارة ثالثة أخصر تصديق البينة المتقدمة مع تصديق البينة المتأخرة ممكن ولو على تقدير وأما تصديق المتأخرة مع تصديق المتقدمة والحكم بالبقاء من جهتها فغير ممكن بعد فرض عدم صلاحية الاحتمال الجاري في كل منهما للحمل عليه فيجب تصديق المتأخرة.
فإن قيل إن التعارض بين البينتين إنما هو في مبدء حدوث البينة المتأخرة وبقاء المتقدمة فيه وأما حدوث المتقدمة فلا معارض له أصلا فلا بد من تصديق البينة فيه فإذا عورض احتمال استناد المتقدمة في البقاء إلى الاستصحاب وعدم العلم بالزوال باحتمال استناد المتأخرة على شراء من مستصحب الملكية فلا معنى لمعارضته باحتمال استناد المتقدمة أيضا بالنسبة إلى زمان حدوثها إلى شراء عن مستصحب الملكية واطلاع المتأخرة على فساد الحالة السابقة له.
قلنا عدم المعارضة بين حدوث المتأخرة وحدوث المتقدمة إنما يسلم على تقدير عدم ملاحظة منشأ حدوثهما وأما مع ملاحظته فيجئ التعارض بالنسبة إلى منشأ حدوث المتقدمة.
وبعبارة أخرى إذا لوحظ الاحتمالات الجارية في المشهود به من جهة استناد البينة في منشأ حدوثه فلا معنى للتفرقة بينهما لان الاحتمال الجاري في منشأ الحدوث يسري بالنسبة إلى المشهود به سواء فرضت زمان الحدوث متقدما أو متأخرا وهذا مما لا سترة فيه عند ذوي الأفهام المستقيمة هذا ملخص ما ذكره دام ظله.
وأنت خبير بأن مبنى هذا الجمع على ما ذكره مرارا كثيرة من أنه كلما تعارضت البينتان واحتمل في إحديهما ما لا يحتمل في الأخرى يجب الجمع بينهما بالحمل على ذلك وقد عرفت أيضا فساد البناء على هذا بما لا مزيد عليه فراجع إليه حتى تقف على حقيقة الامر هذا مجمل القول في القسم الأول وهو ما إذا شهدت المتأخرة مع اطلاقها الملك على الحدوث.
وأما الكلام في القسم الثاني وهو ما إذا شهدت المتأخرة مطلقا من غير تعيين لزمان الحدوث مع الاشتمال على الزمان في الجملة بحيث احتمل تقدمه على زمان المتقدمة حسبما صرح به الأستاذ العلامة وقال إنه المراد من الاطلاق والتاريخ في كلامهم لا ما إذا شهدت المتأخرة على الملك من غير اشتمال على الزمان أصلا فإن مرجعها إلى الشهادة على الحدوث فإن المراد منها ليس ما ينفي الملكية قبل زمان الشهادة فإذا